DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C
national day
national day
national day

«مقدمات الكتب».. بين الفوائد الفنية والتسويقية ومجاملة المؤلفين

المبدعون اختلفوا حولها واتفقوا على أن الإصدار الجيد يقدم نفسه للقارئ

«مقدمات الكتب».. بين الفوائد الفنية والتسويقية ومجاملة المؤلفين
اختلف عدد من المبدعين في جدوى «المقدمة» التي يستعين الكتّاب بنقاد كبار لكتابتها لأعمالهم، فبينما رأى المؤيدون أنها إضافة على مستوى التشويق والتسويق، خصوصا إذا كانت تحتوي على دلالات معنوية وتحفيزية، بشرط أن يكون كاتب المقدمة صاحب اسم كبير على الساحة، وأن تخلو من المجاملات والمدح المبالغ فيه، بينما يرى الرافضون أنها تكون قاصرة وغير مبنية على أسس وقواعد صحيحة، ولا تتعدى المدح الزائف والمبالغات والمجاملات، مع التغاضي عن عيوب الكاتب، وأن الكتاب الجيد يقدم نفسه بنفسه للقارئ.
انتشار ذاتي
قال الروائي والقاص د. ناصر الجاسم: الكتاب الجيد يقدم نفسه بنفسه للقارئ، وهو الذي يعلن عن وجوده وظهوره، ولا يحتاج إلى أحد يعلن عنه أو يعرف به، فالمضمون المتميز أو المحتوى المدهش هو المسوق الأكيد للكتاب ولصاحبه، وهو الذي يمنحه الذكر والعمر الطويل أو الخلود، ذلك أن المحتوى بجودته وفرادته وأصالته ونوعيته، من تلقاء نفسه، سيقدر على أن يكون عابرا وناقلا للكتاب ولاسم صاحبه عبر الزمن، وسيتجاوز الجيل القرائي الأول الذي احتفى به أو احتفل بصاحبه إلى أجيال لاحقة غير معروف عددها، ويؤكد تاريخ الإبداع الإنساني وتاريخ القراءة هذه الحقيقة، فالمكتبة العالمية يوجد بها عدد كبير من الكتب التي استحقت الخلود والصمود، وحافظت على سمة كونها جاذبة ومشوقة وماتعة مهما طال بها الأمد، ولا تلغي هذه الحقيقة أهمية العرف الأدبي أو التقليد الثقافي الذي دأب عليه صناع المعرفة والإبداع والمؤلفون، وهو الطلب ممن هو صاحب الباع الكبير في الصنعة الكتابية أو صاحب السلطة الثقافية أو المقام العلمي الرفيع كتابة تقديم أو مقدمة لمصنفهم، وبذلك يكون القائم بهذا الأمر كالدال على نفائس الأشياء أو عارضها بشكل حسن يحفظ قدر منتجها، ويعطي المتلقي الثقة في كون مضمون المنتج مهما أو فاخرا أو أنه ذو جدوى معينة.
خيانة النصأما القاص محمد الشقحاء، فقال: أنا غير مقتنع بهذه المقدمات أو التمهيد حتى لا أفسد علاقتي بالقارئ ولا أخون النص، فقد تدخل رئيس مجلس إدارة أحد النوادي الأدبية بدون مشورتي، وكتب مقدمة لمجموعتي القصصية «البحث عن ابتسامة» في طبعتها الأولى التي صدرت عن النادي، ولكن في الطبعة الثانية حذفت المقدمة، فإيجاد طرف ثالث كوسيط بين الكاتب والقارئ لم يعطل مسيرتي التي تجاوزت العقود الأربعة، ولم أقطع شعرة معاوية مع الناقد، بل تقبلت كل ما قاله واحترمت رأيه وواصلت طريقي في خطواتي الأولى، ثقتي شديدة بما أكتب، فأنا الكاتب وأنا المراجع وأنا مَن ينشر النص بتوقيعي.
انطباعات قاصرةوتحدث الشاعر والكاتب يوسف آل أبريه قائلا: عندما نطالع المقدمات التي كتبها بعض النقاد في العصر الحديث، سواء في الشعر، أو في الكتب والمعارف الأخرى سنذهل لذلك، كونهم يكتبون بأمانة القلم، وصدق الضمير، بعيدا عن المجاملات إلا ما خرج عن هذا السمت، فكل زمان لا بد له من أناس يبيعون أقلامهم من أجل صداقة، أو وجاهة، أو مال، رأينا مثلا ما كتبه العقاد وطه حسين من مقدمات بكل اقتدار ودون محاباة، وكذلك رأينا د. زكي مبارك وما كتبه من مقدمات، أما ما نجده اليوم من مقدمات، خاصة لبعض الدواوين، فلا علاقة لها بالنقد الحقيقي والتقديم الهادف، وإنما هي مقدمات لو أردنا إنصافها لسميناها «انطباعات» تكون قاصرة وغير مبنية على أسس وقواعد صحيحة، هذا إن أحسنا الظن بكاتبيها، وإلا فهي مقدمات باهتة، عنوانها المجاملة والشللية، ولذا فهي تموت وقت قراءتها، وأظن أن المقدمات الواعية مهمة، وأدعو إلى وجودها في الكتب شريطة أن تكون بعين بصيرة، وقلم منصف، ونبض صادق.
قيمة المقدمالروائي حامد أحمد الشريف، قال: تختلف النظرة إلى تقديم الكتب باختلاف نوعية الكتاب وقيمة الكاتب المقدم، فهذه العناصر الثلاثة تتداخل فيما بينها وتلعب دورا محوريا في قبول هذا الأمر أو رفضه، فبعض الكتب كالروايات والمجموعات القصصية ودواوين الشعر لا يحسن التقديم لها بأي حال من الأحوال، فهذه النوعية من الكتب إن كانت مكتملة الأركان فلا فائدة ترجى من التقديم لها، وكل ما يقال يندرج تحت الذائقة الشخصية، التي لا يقاس عليها في تحديد قيمة الكتب، ونجد ذات التأثير من الكاتب، فقيمته تحدد هذا الاحتياج، إذ لا حاجة لكاتب مرموق مشهود له في مجاله لمَن يقدم له إذا علمنا أن المقدم غالبا ما يكون في منزلة فكرية ومعرفية تعلو الكاتب، بل إن إجراء كهذا قد يسيء للكاتب إن كان بهذا الوصف، ما يعني أن الكتّاب المبتدئين قد يكونون هم الأحوج لمَن يمرر كتبهم بتلك التقديمات، وإن كان البعض لا ينظر إليها مطلقا ويدرجها ضمن المجاملات والنفاق الاجتماعي، ولعلنا هنا نستشعر قيمة المقدم نفسه إن كان يستسهل وضع اسمه على كل كتاب دون النظر إلى قيمته، أو أنه يعد بالفعل مقياسا لجودته ناهيك عن قيمته الشخصية في مجاله وارتباطه بالمتن الذي يتحدث عنه.
وسام تقديريويرى القاص عبدالله الرستم أن المقدمة عندما تحضر في كتاب ما تكون لها اعتبارات عدة فنية وتسويقية، وهذا فيه إضافة على مستوى التشويق والتسويق، خصوصا إذا كانت المقدمة تحتوي على دلالات معنوية وتحفيزية يسيل لها اللعاب، فالمقدمة فن في الغالب تمنح العمل وكاتبه وساما تقديريا للجهد الذي بذله صاحبه في إعداد فصوله ومواضيعه، وربما سجل كاتب المقدمة انطباعا علميا وفنيا عن مضمون ما ورد في الكتاب، وهي خطوة يلجأ لها الكاتب من باب التوثيق واستشراف بعض المضامين التي حوتها دفتا الكتاب، وهذا يعطي انطباعا مفيدا ورؤية واضحة للمتلقي، كما أنه يورث الاطمئنان بسلامة الكتاب من الرتابة والسطحية في الطرح، خصوصا إذا كان الكاتب يحمل اسما له اعتبار وقيمة علمية وفنية، وهذا بالتأكيد سيرفع من قيمة الكتاب تسويقيا ومعرفيا، فكلما صيغت التوطئة باحترافية لغوية عالية كان ذلك حافزا ودافعا للمتلقي لاقتناء الكتاب، لذا على مَن يرغب في طلب كتابة المقدمة لابد له أن يختار الشخص المناسب لكتابتها.
مدح زائففيما يقول الشاعر د. عبدالله الخضير: بعض الكتّاب يرى أن إرفاق تقديم أو ما يسمى «المقدمة الغيرية» من كاتب أو ناقد يوضع في غلاف الكتاب الأخير، أو في بداية الكتاب إنما هو من قبيل الحافز لانتشار الكتاب والترويج له، أو أن هذا التقديم يمنح الكتاب قيمة وأهمية، خصوصا إذا كان التقديم من اسم لامع وكبير، وفي رأيي أن الكتاب تكمن أهميته في محتواه وما يتضمنه من أسلوب في الطرح والمعالجة، وترك القارئ/ المتلقي هو الذي يحكم على الكتاب وينقده ويحلله ويكتشفه، ليدخل العمل في حكم الحيادية، لأن بعض المقدمات فيها مدح زائف، ومبالغات، ومجاملات في كثير من الأحيان، مع التغاضي عن عيوب الكاتب، وأنا أميل إلى المقدمات الغيرية إن كانت ستقدم إضافة وبعيدة عن الابتذال، فقد جربت ذلك في كتابي «غربة بطعم كارتالا رحلة من الأحساء إلى جزر القمر»، إذ قدم له الروائي المغربي محمد النعمة بيروك، الذي أشرف على الكتاب من ألفه إلى يائه مراجعة وتدقيقا، فكان أولى بالتقديم من غيره لمعرفته بأسرار ومكنونات هذا العمل، ولم يمدح ولم يجامل، بل كان منصفا، ووقف في مقدمته القصيرة على جوانب مهمة تخدم الكتاب ومؤلفه، ووضعتها في الغلاف الأخير، وللقارئ فرصة التفحص والتأمل والتحليل والنقد.
المؤيدون: إضافة إلى مستوى التشويق والتسويق إذا كانت تحوي دلالات معنوية وتحفيزية
الرافضون: قاصرة وغير مبنية على قواعد صحيحة ولا تتعدى المدح الزائف والمجاملات