بحزمٍ وقوة، إصرار وإرادة، ذهب برجليه ساعيًا للنار مرددًا: «أنا قوي ولا نار تهزمني!» تراه من بعيدٍ، وتعجب! كيف له أن يُضاهي النار قوة؟ كيف سيهزمها؟ وضع يده اليُسرى داخل النار. لم يتحمل الألم وأبعدها، ثم قال: «لماذا أنتِ حارقة؟ لقد آلمني لهيبك!» تذهب له وتسأله: «يا فلان ألا ترى أن النار جماد لا تختار مَن تحرقه؟ أنت مَن ذهبت لها!» ويرد عليك قائلًا: «لم أذهب إليها برغبتي، ولكنها جذبت عيناي وجسدي لها». لا تصفق الكف بالكف، ولا تضع يدك على رأسك متعجبًا من جوابه، فهذا حال الكثير. يسعى للخطأ برجليه، ويُقدم عليه، وحين يواجه العواقب يبحث عمن يتحمل أخطاءه.
حياة الفرد منا ما هي إلا دفاتر بيضاء. نكتب فيها ما نريد. قد تُشارك الظروف بالكتابة أو قد تشارك برسم بقع وخربشات قد تشوه الصفحات. نختار قلب الصفحة المشوهة لتبقى مشوهة أو إكمال اللوحة الغامضة لتضفي جمالًا للصفحة. الظروف السيئة قد تكون نقطة البداية لتجربة فائقة الجمال. منا مَن يعيش وينغمس في هذه الظروف، ومنا مَن يبحث عن النور في نهاية الطريق.
البعض يطلب من الآخر إكمال الصفحة عنه، وعندما تكون كما لا يهوى يُعاتبه، وينادي بأعلى صوت «ذاك خطأه، وليس خطأي!» لن يزيل ما كتبه الآخر، ولن يسعى في تعديله على الرغم من كون هذا الدفتر ملكه. يقلب الصفحة، ويمضي. من السهل أن تلومه على خطأه، ولكن من الصعب أن تصحح أخطاءه! هذه الجملة هي ما تجعلنا نمضي. نراه خطأ، ولكنها وجهة نظر؛ فليست جميع اللوحات التي تراها رائعة تعجبني، وليست جميع أبيات الشعر التي تروق لي هي لحنٌ موسيقي في أذنيك. العالم الذي نعيش فيه واحد، ولكن أفكارنا، معتقداتنا، مشاعرنا، وما نؤمن به تجعلنا نعيش في عوالم مختلفة. لا تطلب من أحدٍ أن يرسم لك لوحة في دفتر حياتك إن لم ترَ لوحاته في دفتره. نحن قد نرى الزهرة ذاتها، ولكن قد نرسمها بطرقٍ مختلفة. قد نعيش التجربة ذاتها، ولكن قد نصفها بكلماتٍ مختلفة.
ذهب للنار برجليه، ولكن هل شعرت بخوفه؟ لم يدخل لها بكامل جسده. وضع يده اليُسرى فقط! شعر بخطر فقدان شيءٍ ما، فقرر التضحية بالأقل مرارة. لا تذهب للنار، وتقول لها: «لا تحرقيني!»
@sax_rax