في ثمانينيات القرن الماضي، لعبت السياسة دورا كبيرا بالترويج لمنهجية النيوليبرالية في الاقتصاد، لا سيما بعد أن تبنى الرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريجان ورئيسة وزراء بريطانيا مارجريت تاتشر هذه المنهجية المالية الجديدة، فقد رضخ الاثنان لمطالبات مراكز المال والأبحاث والتي كان يقودها مجموعة من الاقتصاديين الكبار يتقدمهم فريدريك فون هايك وتلميذه ميلتون فريدمان، والذين طالبوا الحكومات بإفساح المجال أمام القطاع الخاص بصورة كبيرة وإعطائه الحرية في تحريك الأسواق بينما تكتفي الحكومة بدور الرقابة والتنظيم، وقد حققت هذه الخطوة حينها نجاحات مبهرة لكنها سرعان ما تفاقمت مشاكلها الاجتماعية وحتى المالية لدرجة أنها وقفت عاجزة أمام جائحة كورونا الأخيرة، بينما نجحت الحكومات المركزية البعيدة عن منهجية النيوليبرالية في احتواء الأزمة وتضئيل الخسائر الاقتصادية إلى الحد الأدنى.
صندوق النقد الدولي ساهم بصورة أساسية في انتشار وذيوع النيوليبرالية حول العالم كونه العصا التي تملكها واشنطن في مسألة العقوبات الاقتصادية، فبسبب النيوليبرالية أصبح الوول ستريت هو القلب النابض للاقتصاد العالمي، وبالتالي فقد أصبح هذا الأمر مزعجا لبكين وموسكو تجاه طموحاتهما في إرساء عالم جديد يترسخ على تعدد القطبية الدولية.
وخاتمة القول، تحاول موسكو وبكين التخلص من الاحتياطات الدولارية قدر الإمكان كمحاولة للحد من الهيمنة الأمريكية على تعاملاتهما المالية، بالإضافة إلى أنهما يسعيان إلى تعزيز الاستقلال التكنولوجي، والتحول إلى أنظمة دفع بالعملات الوطنية بعيدا عن أعين الرقابة الأمريكية، ولهذا نحن الآن أمام مفترق طرق بعد قرب نهاية الجائحة الكورونية، فهل ستنتهي النيوليبرالية ويهتز عرش الدولار؟، ونرى منهجية مالية جديدة وبديلة تدير اقتصادات العالم،، مستقبل الأيام ينذرنا بذلك.
@albakry1814