دلل معدتك أو (كرشك) تختلف المسميات والمصطلحات التي تتزاحم على اللوحات الإعلانية على الطرق أو من خلف الشاشات حسب (فتاكة) الجهات المعلنة، منها من يبدع في دغدغة حواس المتلقي ومنهم من يخفق لسطحية إعلانه ومهما تنوعت صياغة العبارات على تلك اللوحات أو اختلف إنتاج المقاطع الإعلانية خلف الشاشات يبقى الهدف مشتركا، فجميعها تتسابق لكسب العميل، وطبيعي أن تنجح تلك الإعلانات بنسبة كبيرة في زمن التطبيقات والتوصيل والعروض، ساعد في ذلك جيل الألعاب الإلكترونية الملاصق لأجهزة الحاسوب في غرفهم في عزلة عن العالم، كلها كوم وإعلان طبقات (البرغر) كوم وحتى يكون هناك (أكشن) بالإعلانات وفنونها اقترح أن يستعينوا بفرس النهر عندما يكون الإعلان عن تلك (الساندويتشات) التي تقدمها بعض المطاعم التي يصعب على (فك) الإنسان الطبيعي أن يلتهمها، فوجود (فرس البحر) ذلك المخلوق صاحب أكبر فك في الإعلان كفيل بشد للانتباه وشد الفك معا !! هل تخيلتم المشهد!؟
مثال يتكرر في أغلب الأسر، عندما يقوم الشاب أو الشابة بالاتصال بالمطاعم عن طريق أحد التطبيقات المنتشرة ويتم تحديد الطلبات ومن ثم يأتي دور توصيل الوجبات إلى باب المنزل وعند الباب يجد المرسول عاملة المنزل في الانتظار والتي بدورها تأخذ الطلب إلى غرفة صاحب أو صاحبة الطلب وتستمر العملية على هذا المنوال دون نشاط يبذل ونتيجة لهذا السلوك برزت مشكلة السمنة حتى أصبحت شبه ظاهرة في المجتمع، وهنا يأتي دور (الترميم) والتكميم عن طريق إعلانات عيادات التكميم على جانبي الطريق، فكما أبدعت المطاعم والمقاهي في تدليل (البطون) كان لا بد أن تتفنن العيادات في صياغة إعلاناتها في قصها أو تحويرها من خلال عرض المجسمات في الإعلانات مع وجود صور على تلك اللوحات الإعلانية قبل وبعد العمليات لايصال الصورة للعقل الباطن والذي بدوره سيقارن بين السمنة والرشاقة التي ستنتج عن طريق مقص طبيب التكميم السحري في هذا المستشفى أو تلك العيادة!
فكما تربح المطاعم والمقاهي والتطبيقات كذلك عيادات التكميم سوقها (مشعلل) اللهم لا حسد، فالشغل مربح ومريح فليس هناك مصروفات سوى (خيط وإبرة ومقص) مع ممرضة تخدير وإيجار عيادة عبارة عن غرفة صغيرة مع دورة مياه أو يتعاقد دكتور العمليات مع أحد المستشفيات والحسابة بتحسب، ولا أعمم فهناك عيادات مكلفة وربما النفقات تكاد تتساوى مع قيمة التكميم أو الترميم وكذلك هناك من ابتلي بالسمنة لعدة عوامل خارجة عما تم ذكره !
قد يعتبر ما يحدث من سلوك طبيعيا نتيجة ترف المجتمع ولكن الخوف أن يعاني هؤلاء كما عانى الشعب الهولندي بما عرف بالمرض الهولندي (Dutch Disease) كوصف مناسب لحالة الكسل التي أصابت الشعب الهولندي بعد اكتشاف النفط والغاز في بحر الشمال مما جعل الشعب الهولندي شعبا مترفا غلب عليه السلوك الاستهلاكي والبذخ فدفع ضريبة هذه الحالة بعد أن أفاق على واقع نضوب الآبار التي استنزفها باستهلاكه غير المنتج فذهبت تسميتها في التاريخ الاقتصادي بالمرض الهولندي. ودخل قاموس المصطلحات الاقتصادية على الصعيد العالمي.
الرخاء والترف لا يدوم وعليه لا بد أن تتغير ثقافة هذا الجيل من ثقافة استهلاكية يسودها الإسراف والترف والكسل إلى ثقافة تنموية تتماشى مع برنامج رؤية ٢٠٣٠ خارطة الطريق ليبقى جيلا قويا ومستعدا لاحتمالات قادم الأيام !!
Saleh_hunaitem@