[email protected]
ما يحسب من إيجابيات يمارسها النقاد العرب وغيرهم في العصر الحاضر تركيزهم الواضح على معيار نقل الصورة الشعرية للمتلقين وتحويله إلى أساس يعد من أهم الأسس المشهودة لترجمة جماليات القصيدة، وإزاء ذلك فإنهم يرون أن الشاعر الملهم هو الذي يبحث في معانيه، التي يطرحها عن ماهية الأشياء بمعنى صياغتها بطريقة يشعر مَن يقرأها بقوة الشعور والانفعال والعمق واتساع الرؤية، وحينئذ تستوعب النفوس ما يطرحه الشاعر وتطرب لسماعه، وهنا يكون للصورة الشعرية أثرها البالغ في نقل العواطف والأحاسيس، ولهذا نجد أن نقاد الشعر يركزون على الصورة لنقل الواقع بحكم أنها تترجم الأساليب الإنسانية الحياتية، وتقترن بطبيعة الأشياء وجوهرها.
من هذا المنطلق، فإن الصورة الشعرية الواعية هي تلك التي لا تقف حدودها عند تفسيرات بعينها، بل تتجاوز معانيها إلى دلالات ذات تأثير في النفوس أعمق وأشمل، أي أن تلك الصورة لا تدور حول دائرة قيم غير متحركة، بل تنتقل في مخيلة المتلقين تاركة لهم مهمة التنقيب عن جمالياتها وقيمها، وقد وقف الشعراء العرب القدماء على هذا النوع من التصوير، كما جاء في معلقة امرؤ القيس على سبيل المثال لا الحصر حينما جسم صورة الليل بطريقة ذكية ورائعة لا تنم عن حرفية الصورة بقدر تركيزها على ما يعانيه الشاعر في الليل من هموم وآلام وشجون تحولت إلى أشكال من القلق النفسي جسد فيها تفجير معاناته وحزنه.