هذا المقال الثاني عن السويد، والهجرة، والمهاجرين من بلدان العالم الثالث ومنطقة العالم الإسلامي، إلى هذا البلد، في المقال السابق فصلت العلاقة العاطفية، والإعجاب الذي نمى لديَّ لمجرد أن لاحت بارقة أمل أن الظروف ستتهيأ لي أزور هذا البلد، وأعمل، وأعيش فيه، لكن كما يقال تجري الرياح بما لا تشتهي السُفُن، وجاءت القرارات الهاتفية التي اعتدنا عليها في العالم الثالث، وأنهت علاقتي بالسويد قبل أن تبدأ. واليوم أعود للكتابة عن السويد، وبعض ما يدور فيه، خاصة مع طبقة المهاجرين العرب، والمسلمين، لماذا هذا الاهتمام، لأن الموضوع أصبح شائكا وربما شائكا جداً، وأقول ذلك بناء على متابعتي للمواقع الرسمية الإخبارية السويدية سواء الناطقة بالإنجليزية، أو بالسويدية، وحتى تلك الناطقة باللغة العربية. وأرى قبل الحديث عما يدور في السويد بين السلطات، بين الدولية، بين القانون، والنظام وبين المهاجرين، وهو ما يخلق حالة من الاحتقان في العلاقات الدولية على مستوى الثقافة والصراعات بين العقائد، والأفكار، والبنُى السياسية، والفكرية. مهم أَنْ نفهم في البداية أن العقدين الأخيرين شهدا سلسلة من الحروب، والنزاعات السياسية، والعرقية، والمذهبية في أكثر من مكان على سطح الكرة الأرضية، ومهم أن نعرف أن جُل تلك الصراعات حدثت في المنطقتين العربية، والإسلامية، هذه الظاهرة الفظيعة خلقت مشكلة دولية، قانونية، إنسانية اسمها الهجرة، وترتب على الهجرة في شكلها العام مسميات خاصة وذات دلالات قانونية وحقوقية منها اللجوء، والنزوح، والهجرة، وهي في معناها العام تشير إلى حركة بشرية من مكان إلى آخر، أي من أماكن الصراعات، والحروب، والتعقيدات السياسية، والأمنية إلى أماكن أكثر أمناً، وأكثر استقراراً. المعطى الآخر أن هذه الحركة البشرية من الدول العربية، والإسلامية توجهت في الغالب إلى الدول الأوروبية حتى باتت هذه الحركة أحد محركات العمل السياسي الأوروبي، بمعنى أصبح هناك رأي جماعي في أوروبا حول هذه الأعداد البشرية القادمة للبحث عن الأمان، والتعليم، وتربية الأنباء في بيئات أكثر سلاماً. مملكة السويد بسمعتها العالمية، وبمؤشرات الرفاه الاقتصادي، الذي تقدمه للمواطنين، والمهاجرين كانت إحدى الوجهات المفضلة للجوء، والهجرة. ويجدر الذكر أن عدد سكان السويد في حدود العشرة ملايين نسمة فقط، فيما يبلغ عدد الأجانب، أو المهاجرين حسب الإحصاءات الحديثة ما يقرب من أربعة ملايين ونصف المليون نسمة. والسويد لديها نظام صارم لقبول اللاجئين، وتنفق بسخاء على القادمين الجدد إلى أراضيها، لكن لها شروطا معينة، وأنظمة صارمة، وقوانين معقدة في بعض الأحيان. قد تناسب البعض فكرياً وثقافياً، وقد تتعارض مع الأبعاد الثقافية، والأيدلوجية للبعض. المعضلة التي تنشأ عنها بعض المشكلات المعقدة فيما يتعلق بحياة المهاجرين، واندماجهم في حياة المجتمع السويدية الاقتصادية، والقانونية، والثقافية، إنّ الغالبية حسب تقارير الأمم المتحدة من المهاجرين من المستويات المتدنية حرفياً، وتعليمياً، وغالبيتهم جاءت من بيئات فقيرة، وربما فقيرة جداً، وهناك من المهاجرين من خاطر بحياته للوصول للسويد عبر التهريب البحري، وقد لا يصدق البعض أن هناك مَن وصل للسويد ولغيرها من بلاد تصدير المهاجرين بدون أن تصدر له في حياته أي أوراق ثبوتية.
@salemalyami