من مزاياها تعزيز المعرفة وضمان استدامتها وسهولة الحفظ والتخزين
تشكل «الرقمنة» حيزا كبيرا من واقعنا الحالي، فلا يخلو أي مجال من هيمنة «الرقمنة» عليه، إذ أسهمت في تسهيل الرصد والأرشفة والتوزيع وغيرها، وشهد قطاع الأدب والنشر هذا التطور، وأصبحت هناك موجة من التساؤلات بين كل من الناشرين والكتاب والقراء فيما إذا كانت الكتب الإلكترونية ستمحو الكتب الورقية وتلغي وجودها، أم أنها ستعزز من فعل «قراءة الكتب» لدى الجيل الحالي كونها تواكب متطلباته، ومن منطلق وعي هيئة الأدب والنشر والترجمة بدورها، فقد صممت برنامجا يعنى بالنشر الرقمي بهدف تسهيل وصول الكتاب إلى المستفيدين، وتعزيز التنوع في أوعية النشر، وإثراء المحتوى العربي، ودعم وتحسين نموذج العمل للناشر السعودي، ومن هذا البرنامج تنطلق مسارات عدة منها مسار رقمنة الكتب، وأوضحت الهيئة أن رقمنة الكتب موجهة كخطوة أولى للكاتب والناشر، بحيث تتيح بيئة توظف التقنيات الحديثة لاستثمار المنتجات الإبداعية بعرضها لجمهور مختلف، كذلك تعطي فرصة ملهمة لاكتشاف أساليب جديدة ومتطورة في تسويق الكتاب، إضافة إلى أنها ركن أساسي في بناء مكتبة رقمية وقاعدة بيانات من الكُتَّاب والكتب متعددة التخصصات، وفي أزمنة مختلفة في مكان واحد، وهي في الأساس تعمل على جانبين، أولهما أنها تحقق مجموعة من المزايا المتمثلة في حفظ المعرفة، وضمان استدامتها للاستعمال المتكرر، إضافة إلى سهولة حفظ عدد كبير منها في مساحة صغيرة من خلال التخزين السحابي، ومن جانب آخر بعد العناية بالكتب تأتي خيارات تقديمها، وإتاحتها للقارئ عبر منصات الكتب المحلية والمنصات العالمية.
مشروع الرقمنة
أما بخصوص القارئ وكيفية ترتيب وصوله، فإن مشروع رقمنة الكتب من هيئة الأدب والنشر والترجمة بداية لمساعدة دور النشر والمهتمين بالكتب بتقديم مبادرات وبرامج تتناغم مع التحولات الرقمية بالعمل على توفير قنوات تعزز من سهولة الوصول إلى الكتاب، وبما يسهم مستقبلا في توسيع دائرة تداول هذه الكنوز ومنافستها، وتدريجيا كلما زادت الكتب المرقمنة ظهرت بشكل طردي منصات حيوية ومسارات تتكفل بتقديمها، خصوصا أن دورة النشر قائمة على نشاط مجتمعي ودعم القطاع الخاص.
منصة المبادرة
وإجابة عن سؤال «هل متاح لكل الكتب أن تتحول إلى كتب رقمية مجانا، أم تختار الهيئة كتبا معينة ليتم تحويلها؟»، فإن هذه المبادرة تجسد بطريقة ملموسة دور الهيئة في اتخاذ مجموعة من الخطوات والإجراءات لنهضة وتطوير القطاع بكافة الأطراف المتفاعلة والمؤثرة فيه، وحين تعلن الهيئة عن مشروع الرقمنة، فإنها تبث رسائل بخصوص قيمة الكتاب كمنتج غير خاضع لتاريخ صلاحية، وأن المسؤولية تجاه نقل المعلومة وتداولها موزعة تكامليا بين الجهود المؤسسية من الهيئة والجهود الذاتية من الأفراد والجهات العاملة في النشر، للإسهام في توفير نسخة رقمية ترفد وتعزز من حضور النسخة الورقية وهذا يشمل الكتب كافة، مع اعتبار وجود معايير عند المهتمين وذائقة عند القارئ.
وفيما يخص دور الهيئة بشكل مركز، فإنه علاوة على إطلاق موجة التأثير في الصناعة فإن من أولوياتها ضبط آلية عمل المبادرة، ونجاحها عبر سلسلة من الخطوات التي يتم فيها فرز وقبول الطلبات الواردة إلى الهيئة وفق المعايير والشروط المتاحة في منصة المبادرة.
فضاء أرحب وعن خدمة الرقمنة لدور النشر والأفراد خصوصا مع محاولات الحفاظ على الكتاب الورقي، أوضحت الهيئة أن رقمنة الكتب لن تكون بأي حال من الأحوال ضد وجود الكتاب الورقي، بل هي تضيف إليه فضاء أرحب من خلال تعزيز نوافذ حضوره، وهو انعكاس يقدم الملموس على الرف وبين راحتي الكف إلى محسوس في الأجهزة المحمولة والهواتف المتنقلة، واستجابة طبيعية مع شكل الحياة المعاصرة من خلال استغلال لحظات الانتظار والارتباط بالتطبيقات بوجود الكتاب في متناول تلبية الحاجة للقراءة بشكل فوري، إضافة إلى أن الكتاب الرقمي داعم للكتاب الورقي بالمثل لما تقدمه الكتب المسموعة، إضافة إلى أن الكتب الرقمية خيار متاح للقراء ممن يفضل القراءة الإلكترونية، وكذلك للباحثين عن مصادر للمعرفة في وقت قياسي وعبر وفرة الخيارات والموارد، وأيضا يمكن أن تخدم رقمنة الكتب فئات أخرى ممن يصعب وصول الكتاب إليهم مثل الطلاب في الخارج، أو من يوجدون في مناطق مختلفة لا تتوافر فيها المكتبات بانتشار يوازي توافر التقنية، والدخول إلى المكتبة الرقمية.
رؤية شموليةوفيما يخص نشر وتسويق الكتب، فإن الهيئة تسهم من خلال أهدافها الأربعة التي تنص على: زيادة وصول الكتاب إلى المستفيدين، وتعزيز التنوع في أوعية النشر، وإثراء المحتوى العربي من الكتب الرقمية، ودعم وتحسين نموذج العمل للناشر السعودي، في تسويق فكرة رقمنة الكتب وتقديمها بوصفها مساحة اختيارية ومساندة لتعزيز حضور الكتاب الورقي، لذلك كانت مِنح تغطية تكاليف تحويل الكتب الورقية إلى رقمية بصيغ قانونية سليمة متوائمة مع أجهزة القراءة الإلكترونية والمنصات العالمية للكتب الرقمية، متجاوزة برؤية شمولية المنتج إلى الحالة عامة، وعليه لا تقوم الهيئة بنشر أو تسويق الكتب بل فقط تغطي تكاليف عملية التحويل.
مسار التحويلوحول مبادرة النشر الرقمي، فإنها تأتي إيمانا بضرورة إثراء المحتوى العربي الرقمي وزيادة انتشاره، فإنها تسعى إلى تسهيل وصول الكتاب إلى شرائح وفئات جديدة من المجتمع، منها أصحاب صعوبات القراءة وسكان المناطق التي تقل فيها نقاط البيع، ومن يصعب وصول الكتاب الورقي إليهم عموما، ولذلك تخضع المبادرة إلى نموذج عمل يقدم مسار التحويل الرقمي للكتب على مراحل متعددة تبدأ في عام 2022 على أن تكتمل عام 2025، وستكون المرحلة الأولى خاصة بتحويل الكتب النصية فقط، مثل: الكتب الأدبية والروايات التي لا تحتوي على صور ورسومات، أما بخصوص المسارات القادمة من مبادرة النشر الرقمي فمن بينها مؤتمر خاص بالنشر الرقمي، ومسار رقمنة كتب الأطفال.