في الحروب والأحداث الجسام تتزايد أهمية وقيمة وسائل الإعلام التقليدية بسبب زيادة نسب المشاهدة، وزيادة شغف الجمهور بالبحث عن الخبر وتطورات الأحداث. وفي الوقت ذاته، يتزايد حجم الاختبار لمستوى المهنية لتلك الوسائل، ومدى تأثر التزامها بقيم الصحافة والموضوعية أثناء تغطياتها اليومية لنزاع معقد، كما هو الحال مع الحرب الروسية على أوكرانيا، التي ابتدأت الأسبوع الماضي. وبالنظر إلى أن الدول الغربية، التي تساند أوكرانيا ينتمي لها أهم وأقوى المؤسسات الإعلامية في العالم، كانت الحرب الروسية الأوكرانية امتحاناً حقيقياً لموضوعية تلك المؤسسات واستقلالها، وتناولها لتداعيات الصراع من منظور متوازن. لكنها مؤسسات إعلامية اشتهرت برزانتها انزلقت إلى عناوين من نوع «حرب احتلال أوكرانيا» في صحيفة الجارديان الرصينة، و«إعادة تشكيل أوروبا بالدماء» و«الطاغية» و«بوتين الدموي» مع صورة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع تعديلات في شاربه وشعره ليبدو كأنه زعيم النازية هتلر، بل مجلة الإيكونومست الاقتصادية وقبل أن تبدأ الحرب بنحو أسبوع اختارت أن يكون غلافها (مهمة بوتين الفاشلة! سواء أكانت هناك حرب أم لا، فقد أخطأ حساباته). أعقبت هذا العدد بغلاف آخر يرسم بوتين بلون ظل أسود مع صورة لدبابة في عقله. بروفيسور الإعلام محمد الحيزان رصد هذا التحول وكتب في حسابه بتويتر «يخطئ مَن يظن أن الإعلام الغربي موضوعي دائماً. هو ذكي في تشكيل نفسه لمراعاته قيم الإعلام (الصدق والدقة والحياد) في الغالب، والتزامه بأسس المهنة، وحين تأتي فرصة دعم التوجهات يتمادى»في الهجوم تخرج به عن القيم المهنية، بعكس السمعة التي بنتها مؤسسات إعلامية غربية كبيرة، كشفت الحرب الروسية على أوكرانيا أن الإعلام الغربي يشارك في المعارك انسجاماً مع مواقف الدول الغربية، التي يمثلها، ويتنازل مقابل ذلك عن أساسيات في مهنة الصحافة بعدم التفريق بين الخبر والرأي. @woahmed1