في البداية، يجب أن نتفحص النظرة العامة للفريقين حول طبيعة التربية، والنشأة، والجهات المسؤولة عنها، وهنا نقع في معضلة كبيرة بين مجتمعين متضادين ربما بشكلٍ كُلي، المجتمع الأول مجتمع المهاجرين القادم من ثقافة يمكن أن نسميها بالثقافة الأهلية بمعنى أن الفرد في هذا المجتمع ملك للمجموع أي الأهل، وهذا الأهل يتشكل في دوائر من القبيلة، إلى العشيرة، ثم الأسرة، أليس من المفاهيم الراسخة لدى المسلمين أن الرجل وما يملك لأبيه؟ في المقابل الإنسان في دولة الرفاة حسب النموذج الغربي، والثقافة الليبرالية، ببعدها الديني المسيحي العام، وجوهر ممارستها القريبة من الإلحاد، أو اللادين، لذا الإنسان للدولة وليس للأهل، والدولة في الواقع ملزمة بالإنفاق على الفرد منذ ولادته حتى سن البلوغ، ومسؤولة عن تعليمه، وتغذيته، وتنشأته على مفاهيم معينة، وحمايته من أدوات الفرض في الثقافات التقليدية، إذن نحن بين صراعين الأهلي في مواجهة المدني، وفي أغلب التقديرات أن المشاكل التي برزت على السطح في العقدين الأخيرين في السويد بالذات، التي يصفها المهاجرون بأنها سرقة لأبنائهم وتغيير تنشئتهم، ناتجة من مفهوم أن على الدولة المدنية حماية الجماعات الأضعف في المجتمع بداية بالطفل ثم بالمرأة. إذن هناك عقليات متصارعة، وثقافات متضادة، والسبب معروف للجميع طبيعة المجتمعات الشرقية، والإسلامية وثقافتها التواصلية تختلف بشكل يكاد يكون جذريا مع ثقافة العزلة في العالم المتقدم، وانتشار العلاقات الباردة بين الناس. الدول الغربية بما فيها مملكة السويد تقبل اللاجئين وتنفق عليهم، وعلى أطفالهم رغبة منها بأن يصبحوا يوما ما سويديين بالثقافة والتفكير، والسلوك، وهذا ما يسمى بالاندماج أو برامج الاندماج في المجتمعات الجديدة. وفي هذه البرامج تكون النظرة إلى المهاجرين الأوائل أنصاف مواطنين، ولكن الأجيال الجديدة منهم يفترض أن تكون حياتها كاملة الاندماج بمعنى نسيان الأصول العربية، والإسلامية التي ينحدرون منها بشل كامل. الفكر الغربي الاجتماعي يقول: «مَن يعيش في روما يفعل مثل أهل روما» وفي الثقافة العربية يُقال: «إذا دخل المرء بلداً للعميان فعليه أن يغمض عينيه» وهذا يقصد منه على وجه الإجمال، أن الحضارة، أو المعايشة تخلط بين البشر، ولكن يبدو أن هناك خطوطا يصعب أن يكون فيها اختلاط، وهذا في التقدير الأعم ما سيخلق بعض المشاكل الإنسانية، وربما الدولية في المستقبل.
@salemalyami