@dhfeeri
الاهتمام ببيئة العمل بات ضرورة ملحة في وقتنا الحاضر مع التسارع الكبير في الأعمال وتطور علوم الموارد البشرية والعلوم الإنسانية مثل العلاقات العامة أو الاتصال المؤسسي والتواصل الداخلي، ورغم تعدد هذه العلوم إلا أنها تساند بعضها البعض إذا تم استثمارها إيجابيا في تحسين بيئة العمل، لجعلها أماكن جذب للموظفين مما يساعد في تحسين إنتاجهم، ورفع مستوى حالة الرضى بينهم، وخصوصا أنهم يقضون داخل بيئة العمل وقتا طويلا يفوق في كثير من الأحيان الأوقات التي يقضونها بشكل متواصل مع أسرهم، مما يؤثر بشكل أو آخر على الحالة النفسية والمزاجية للموظف سلبا أو إيجابا، والبعض لا يدرك للأسف أهمية ومعنى تحسين وتطوير بيئة العمل، مما يؤثر سلبا على البعض ويدفعهم للتألم بصمت دون أن يعي بهم الكثير من زملائهم أو قياداتهم، والقيادات الواعية في المنظمات تدرك أهمية بيئة العمل في التأثير على إنتاجية الموظف، فتعمل على تحسينها، وصياغة البرامج والمبادرات التي تجعلها بيئة جاذبة ومريحة للعاملين فيها، وهذه النوعية من القيادات تدرك أهمية نشر ثقافة الانتماء، وتعزز من روح التعاون بين أعضاء فريق العمل، حتى لا تكون بيئات العمل مسرحا للصراعات بين العاملين، وموطنا للخلافات التي تجعلها بيئة منفرة ومليئة بالمشاحنات.
ومن القيادات من تهتم بالجمهور الخارجي وتجعله أولوية في برامجها وأنشطتها، فتعمل على تحسين الصورة الخارجية للمنظمة وتتابع كل انتقاد يطالها، وتغفل الاهتمام بجمهورها الداخلي، فلا يأخذ حقه من الاهتمام رغم أن هذا الجمهور هو وقود المنظمة وحصانها الرابح، الذي إن أسعدته وأولت له الاهتمام فإنه سيسعد المنظمة ومستفيديها، وسيكون خير مدافع عن قيمها وأهدافها ورسالتها، وإن أهملته أشقاها وأدخلها في أنفاق مظلمة وأربك خطط تطويرها، وجعلها تدخل في متاهات إدارية لتحسين صورتها عبر التركيز على إطفاء الحرائق الإدارية التي صنعها إهمالهم لإشباع الحاجات النفسية والاجتماعية والمهنية لموظفيهم، ورغم أن الهم الأكبر في تحسين بيئات العمل برأيي هو عبر توجيه الاهتمام بالجمهور الداخلي، الذين هم أعمدة المنظمات والمساهم الأول في تطورها وإبراز مقدراتها، وهذه البرامج التي تعزز بيئة العمل وتساهم في تحسينها ليست بالأمر الصعب الذي لا يمكن إدراكه، بل هي ممكنة إذا خطط لها بشكل قيادي لتشمل جميع الجوانب التي تثري الجوانب التي يحتاجها فريق العمل، وكثير من الموظفين يحرص على البقاء في بيئة عمله التي يرتاح لها وتشبع حاجته رغم العروض المغرية ماديا والتي تأتيه من جهات أخرى قد لا تتوافر فيها بيئات مريحة له، مما يعزز أهمية بيئة العمل في بقاء واستمرار الموظفين، ولعل اللقاءات المباشرة مع الموظفين سواء كانت لقاءات فردية أو جماعية لها أهميتها في التعرف على الموظفين، وفتح قنوات التواصل معهم وهي تساهم في تخفيف الفجوة بين القيادات وموظفيهم، وتجيب عن تساؤلاتهم الحرجة وتعمل على تعديل اتجاهاتهم نحو كثير من القرارات الجديدة التي قد تكون صعبة الفهم عليهم حين صدورها. وبرامج بناء فريق العمل أصبحت مطلبا مهما في كثير من الجهات الحكومية والخاصة، حيث تساهم في تعزيز فرق العمل واكتشاف الصفات الشخصية والقيادية وتحديد مواطن الألم بين أعضاء الفريق، وفرصة لتعديل هذه النقاط المؤلمة لتكون بيئة العمل بيئة جاذبة ومريحة للعاملين بها.
@dhfeeri
@dhfeeri