إحساس النقص بأننا لسنا كافين يدفع الكثير لتصديقها وتبنيها وجعلها تقود سلوكياتنا ويستعبد حياتنا.. ولكن دعني هنا أخبرك بأن القوة الحقيقية لا تكمن بمقاومة هذا الإحساس بالنقص أو حتى إنكاره إنما في تذكيرنا الدائم لأنفسنا بأن مصدر هذا الشعور هو مجرد فكرة.. وفكرة النقص لا تثبت شيئا عنك أو عن روعتك وأصالتك وقيمتك الحقيقة.. إنما هي أفكار ربما تكون طاقتها قد تسربت إليك من الماضي ولعل بداخل هذا الماضي أشخاص وأحداث وصور وكلمات تبنيتها من أشخاص أرادوا دومًا أن يقنعوك بأن قيمتك مربوطة فيهم.. ولكن هل انتبهت يومًا أن كل تلك كانت مجرد أفكار؟؟ وأن الأفكار مثل السحابة تتبخر وتظهر حسب إيمانك وتصديقك وسماحك لها بالعبور أو الرحيل.. وأنت مَن تقرر لهذا السحاب أن يتكثف ويمطر بشدة على حياتك أو يتلاشى ويتبخر ويشع ضوء الحقيقة من داخلك.. إن الإحاسيس يا صديقي القارئ حقيقة لا تقتلنا، وإنما تصرفاتنا على أساس هذه الأحساسيس هي مَن قد تقتلنا هل تصدق ذلك؟.. لماذا لأننا حينما نشعر ببساطة بالنقص (شعور بأنك غير محبوب) نركض بصبيانية للتخفيف من ألم هذا الشعور بسلوكيات متنوعة حسب الخريطة الذهنية الموجودة بذهن كل شخص فينا.. مثلًا قد يذهب البعض لإدمان العلاقات المرضية السامة أو البحث الأعمى عن المناصب والسيارات والإنجاز والثروة.. وانتبه هنا أنا لست ضد الحصول على كل هذه الخيارات من العالم المادي بالعكس أنا مع الاستمتاع بالحياة بكامل خياراتها وتحقيق الرغبات في العالم المادي أمر مهم عندي أنا شخصيًا.. ولكن لا ننسى أثناء ذلك أننا نفقد التكامل النفسي والتوازن الداخلي حينما يغيب عنا الاهتمام بالثروة الروحية على حساب الثروة المادية.. ونفقد التوازن حينما نبحث عن المادة كوسيلة لإشباع القيمة.. فالمادة لا تشبع القيمة.. إنما قيمتك دائمًا ستظل مرتفعة ومحمية طالما اخترت أن تكون (أنت) وبدأت بتبني (حب الذات) كخيار واعٍ، واخترت أيضًا رفع قيمة الاحترام والحب من داخلك.. لأنه من هنا فقط لن تعد بحاجة لتعلق الإحساس بالقيمة على شماعة أي مصدر خارجي من هنا فقط، تستطيع أن تلمس الأمان الداخلي.. والتوقف عن البحث في الخارج لأنك علمت قيمة الوعي الخالص والسكون والحب الحقيقي، الذي تمتلئ به روحك.. لأنك بعد انتهاء كل علاقة موجعة مررت بها.. وكل مبلغ مالي خسرته وكل صفقة لم تعقد لصالحك وكل حلم لم يتجل لك بعد.. إنك أنت بالنهاية هو (القيمة الخالدة) وأنت هو (الثمن الحقيقي) وأنت هو (الروح الأصيلة)، التي لا يضاهيها شيء، والتي لن تعاد ولن تكرر لا في حياة مَن فرط بك ولا في حياة مَن خذلك، وكل ما ذهب عنك في العالم المادي.. تستطيع صناعة واقع أجمل وأقوى منه من جديد طالما أنت مؤمن بأن القيمة الحقيقة تأتي من داخلك.. احترف فقط طريق حبك لذاتك كرحلة حياة مستمرة، واسمح لها بأن تأخذك من مرحلة لمرحلة.. لتستفيق وتتحرر من (خوف النقص) مع ارتفاع وعيك التدريجي وسماحيتك لنفسك بالعودة للذات المطمئنة بداخلها.
@hananco91