أطمئن القراء الكرام بألا تؤثر عليهم الكلمة الأولى في العنوان، حيث لن اكتب عن القاعدة، أي التنظيم السري الإرهابي، الذي يعرفه الجميع، سأكتب لهم عما أسميته أنا بقاعدة حسن، دعونا أولا نتفحص قاعدة حسن ما هي: وهنا أقول إن قاعدة حسن عبارة عن نصيحة للتعامل في حياتنا اليومية بأن ننظر لما يواجهنا من مصاعب في الحياة على أن حجمه في الواقع 10 %، ويمكننا إبقاء أي أمر في هذه الحدود إذا لم نصعد ونزيد من حجم المشكلة، التي تعتمد على تعاطينا معها وإيصالها إلى حجم أكبر يعطل حياتنا، ويلقي عليها بظلال غير طيبة. لماذا هذا الاسم، ببساطة لأنني استمعت إلى هذه النصيحة أو القاعدة في تسجيل مصور على إحدى وسائل التواصل الاجتماعي من شاب أعرفه جيدا واسمه حسن. ولا أعرف إذا كان هو مَن فكر في هذه النصيحة الجميلة، أم هي من مصدر آخر لم يذكره في التسجيل. إلى هنا يمكنني القول إن حكاية العنوان قد انتهت تقريبا، وبقيت القصة التي لم تبدأ بعد، وهي قصة صاحب القاعدة. أي الأستاذ حسن، الذي هو رجل في مقتبل العمر يعمل في مهنة تربوية ويقوم بدوره كرب أسرة سعودية، ويشارك في بعض الأنشطة الاجتماعية التوعوية، والتطوعية عبر بعض وسائل التواصل الاجتماعي.
أعرف الرجل منذ أن كان طفلا صغيرا، عندما كان تلميذا في المرحلة الابتدائية، كان في الصف الرابع، أو الخامس على أكثر تقدير، وكان يلعب مع أقرانه من أبناء الحارة، التي نعيش فيها بعد الوجبة الأولى من مشاهدة أفلام الكرتون، التي كان يبثها التليفزيون السعودي، الذي كان في تلك المرحلة قد بدأ البث الملون في منطقة نجران بشكل رسمي. كان الأطفال حسن ورفاقه وهم يلعبون يرددون بعض الأغاني، التي تكون في العادة مقدمة، أو نهاية البرامج والأفلام الكرتونية، وكنت أتلمس حماسا غريبا في أصواتهم الغضة هم يرددون تلك الأغاني، التي يحمل بعضها أسماء أبطال تلك الأعمال الكرتونية، وسبب استماعي لأصوات الصغار، الذين يلعبون في الحارة أن الغرفة، التي أقضي جل وقتي فيها للمذاكرة، وكنت حينها في الصف الثاني الثانوي على وجه التقريب. كانت تطل على الشارع، أو الفضاء الكبير، الذي يشكل منتصف الحارة، وتكون المنازل مصطفة عليه بشكل يكاد يكون دائريا، المفيد أنني جمعت صغار الحارة في إحدى المرات وسألتهم عن أفلام الكرتون، التي يواظبون على مشاهدتها بشكل يومي، سألتهم عن أسماء الشخصيات، وعن كلمات الأغاني، وعن أقرب البرامج إلى قلوبهم، وأسئلة أخرى في هذا الجو، المهم أنني فكرت في أسلوب أحرض فيه هؤلاء الصغار على الكتابة، وطلبت منهم أن يكتبوا كل ما يعرفون عن كل مسلسل، ويسجلون أعمالهم تلك على ورق بخط مقروء، ويسلمونها لي لكي أقرر مَن سيحصل منهم على الجائزة.
كلمة الجائزة كانت الكلمة السحرية، التي كتب من أجلها الصغار أفكارا ومعلومات كنت سعيدا بها في تلك المرحلة، وكبر الصغار، وكبرت معهم ولم نتمكن من الاحتفال بتقديم جائزة مناسبة لهم. ولكن مشاهدتي لحسن وهو يشرح قاعدته، التي اسمها قاعدة 10 % قدم لنا الجائزة جميعا، فله الشكر الذي أثار كل هذه الذكريات.
@salemalyami