وتابع يقول: مع ذلك، وبعد ما يقرب من أسبوعين من القتال، وصلت الحلقات المربكة حول موقف الصين من الحرب إلى ذروتها.
وأضاف: فيما يتعلق بكل من قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة، امتنعت الصين عن التصويت بدلا من التصويت إلى جانب روسيا. وفيما يتعلق بالعقوبات المفروضة على روسيا، لم تظهر الصين الكثير من الاستعداد للمساعدة حتى الآن، كما رفض بنكان صينيان كبيران، وهما بنك الصين والبنك الصناعي والتجاري الصيني، مساعدة روسيا في معالجة معاملات التصدير. وبدلا من دعم روسيا، دعا وزير الخارجية الصيني وانغ يي إلى وقف تصعيد الصراع.
وأشار إلى أن الصين على ما يبدو تسحب دعمها من روسيا، في كل مكان من الدبلوماسية إلى الاقتصاد.
تراجع الدعم
وتساءل الكاتب عما إذا كان تراجع الدعم الصيني تدريجيا يمثل تغيرا في موقف الصين بسبب بعض الأحداث غير المتوقعة؟
ومضى يقول: بمعرفة تاريخ العلاقات الصينية الروسية، لا يبدو أن انتصار روسيا في مصلحة الصين. ما يصب في مصلحة الصين هو حرب استنزاف مطولة، واستنزاف موارد روسيا قدر الإمكان، وإضعافها قدر الإمكان، وفي الوقت نفسه عزلها عن الغرب قدر الإمكان، وهزيمة روسيا في النهاية.
وأضاف: طوال معظم تاريخ العلاقات الصينية الروسية، كانت روسيا خصما للصين وليست حليفا لها، هدف روسيا ليس أن تصبح الشريك الأصغر في تحالف صيني روسي، ولكن أن تكون قوة عظمى في حد ذاتها.
وتابع: تمتلك روسيا هوية قوة عظمى خاصة بها، ما يعني أنها تنتهج أجندة القوة العظمى الخاصة بها بنفسها، وكما أظهر لنا التاريخ، كلما تجاوزت هذه الأجندة مصالح الصين، نادرا ما تتردد موسكو في مواجهة بكين وكانت أقوى، وكانت على استعداد لمواجهة مباشرة.
الصين وروسيا
ومضى يقول: انتزعت روسيا ما يقرب من مليون ميل مربع من الصين في معاهدتي إيغون وبكين في 1858-1860، وهي منطقة تسمى «منشوريا الخارجية»، المحيط الشمالي لمنشوريا حتى تلك النقطة، وكانت المنطقة مع فلاديفوستوك وخاباروفسك، اللتين أسسهما المستعمرون الروس، تُعرف حتى الآن باسم روسيا الشرق الأقصى.
وأردف: لا يزال علم التاريخ الصيني يعتبر هذه المعاهدات «معاهدات غير متكافئة»، وإذلالا غربيا للصين، وبالتالي حتى لو كانت شرعية قانونا، فهي على الأقل غير شرعية من الناحية الأخلاقية.
ونبه إلى أن روسيا دعمت في أوائل القرن الماضي استقلال منغوليا وتوفا، اللتين كانتا أجزاء من الصين حتى سقوط إمبراطورية تشينغ في عام 1911.
وأضاف: بعد حدوث الانقسام الصيني السوفييتي في أواخر الخمسينيات من القرن الماضي، خاضت القوتان العظميان حربا حدودية قصيرة في عام 1969، وتحسنت العلاقات بين البلدين فقط بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، حيث أصبحت روسيا ضعيفة بما يكفي للبحث عن صداقة الصين، وأن ينظر إليها على أنها غير ضارة.
وتابع: يبدو أن تشكيل منظمة شنغهاي للتعاون يظهر بداية تحالف صيني روسي، ولكن موسكو رفضت اقتراحا صينيا لإنشاء منطقة تجارة حرة لمنظمة شنغهاي للتعاون، ما أظهر مخاوف موسكو في الشرق، حيث يبلغ عدد سكانها عُشر سكان الصين، واقتصادها مجرد جزء بسيط من اقتصاد الأخيرة، والعامل الوحيد المتبقي لروسيا للنفوذ بجانب الصين هو جيشها.
الطاقة الكازاخستانية
وأضاف: تنظر روسيا إلى كازاخستان على أنها ضمن مجال نفوذها، في حين أن الصين من خلال ربطها بخطوط أنابيب النفط والاستثمار في صناعة الطاقة الكازاخستانية، تهتم بتعزيز استقلال كازاخستان عن روسيا وجعلها موردا رئيسيا للطاقة للصين.
ومضى يقول: باختصار، كان التعاون الصيني الروسي في السنوات الأخيرة يتعلق فقط بإيجاد أرضية مشتركة ضد الولايات المتحدة، بدلا من أن ينظر الطرفان إلى بعضهما بعضا على أنهما حليفان جديران بالثقة.
وتابع: لن يكون انتصار روسيا بالتأكيد في مصلحة الصين، من خلال زيادة عدد سكان الاتحاد الأوراسي، مجال نفوذ روسيا الأوسع، من 185 مليونا إلى 226 مليونا من خلال دمج أوكرانيا، وتعزيز المواقف الإستراتيجية لروسيا ضد الناتو والاتحاد الأوروبي من خلال القضاء على دولة عازلة يبلغ عدد سكانها 41 مليون نسمة، ستصبح روسيا أقوى بكثير مما كانت عليه قبل الحرب.
ولفت إلى أن مثل هذا التغيير سيكون من الناحية الجيوسياسية نوعا من إعادة إنشاء الاتحاد السوفييتي بشكل أقوى وبشكل ملحوظ، ما يعني استعدادا أقل للتعاون مع الصين، واستعدادا أكثر لمتابعة أجندة القوة العظمى الخاصة بها، ومتابعتها إلى درجة قد تضر بالمصالح الصينية، وتهدف إلى وضع نفسها كلاعب ثالث على قدم المساواة بين الولايات المتحدة والصين، وليست حليفًا لبكين.
الخطر الرئيسي
وتابع: إن هزيمة روسيا، التي لا تزال تبدو ممكنة، لا سيما إذا جاءت في نهاية حرب استنزاف مطولة، قد تؤدي إلى إضعاف روسيا بشكل كبير وعزلها عن الغرب في الوقت نفسه، ومن شأن ذلك أن يضعها في وضع لا يجعل لديها أي خيار آخر سوى أن تصبح شريكا صغيرا في تحالف صيني روسي.
ونوه إلى أن القوة العسكرية لروسيا، التي جعلتها تبدو حتى الآن على أنها مساوية للصين، لم تظهر فقط من خلال هذه الحرب أنها أقل خطورة مما كان يعتقد العالم، ولكنها تكبدت أيضا خسائر فادحة، وستستمر في تكبد خسائر فادحة.
ولفت إلى أن الخطر الرئيسي الوحيد للصين في حالة هزيمة روسيا هو إمكانية تغيير النظام بنظام آخر موال للغرب.
وتابع: مع مرور المزيد من الوقت دون إحراز تقدم محدد في المجهود الحربي الروسي في أوكرانيا، يُثار المزيد والمزيد من النقاش حول إمكانية حدوث انقلاب محتمل ضد فلاديمير بوتين في حالة انتهاء الحرب بإخفاق واضح لا يمكن إنكاره بالنسبة لروسيا.
لكن، وبحسب الكاتب، هناك العديد من العوامل التي يجب أخذها في الاعتبار هنا، أهمها أنه في حالة الإخفاق الروسي، فإن تغيير النظام هو مجرد احتمال قد يحدث أو لا يحدث، بينما في حالة الانتصار الروسي، فإن إعادة التأسيس الافتراضية لإمبراطورية سوفييتية أمر مؤكد، وهذا شر محض للصين.