* يبدو للقارئ الكريم أن العنوان غريب، ومن المرجح أن الغالبية ربما يجهلون فحوى العبارة، التي وضعتها عنوانا لهذا المقال. لكني على ثقة أنه بمجرد إماطة الغموض، الذي يكتنفها سيدرك الجميع أنها تنطوي على أصدق وأبلغ تعبير تلقائي مستوحى من أخلاق ومثاليات البيئة النقية والفطرة السوية، التي كانت تعمر مجتمعاتنا ومجالسنا ومناسباتنا، حيث الألفة والتقدير والإيثار وإبراز الكرم في أجل صوره مع صعوبة الأحوال وقلة ذات اليد، وهي عبارة وإن كانت باللهجة الدارجة، فإنها تفيض ثناء وعرفانا بنعم المولى سبحانه، التي أفاء بها على عباده لاسيما بعدما أنعم الله علينا بما نحن فيه الآن، بعد أن عاشت الأجيال، التي سبقتنا وليس ببعيد عنا شظف العيش وعانوا من الفاقة وشح الإمكانات.* * فالجملة المتقدم ذكرها وبالتلقائية والعفوية غير المصطنعة، التي أطلقها صاحبها وهو شيخ كبير في السن من المناطق في بلادنا الحبيبة وتحديدا من المنطقة الجنوبية كانت ردا على سؤال لمندوب إحدى وسائل الإعلام عندما سأله عن رأيه حول بعض الممارسات، التي ظهرت في وقتنا الحاضر إما لإظهار الكرم المبالغ فيه بطرق لم تكن مألوفة أو للتعبير عن الفرح بمناسبة ما وهي ممارسات دخيلة وغريبة على المجتمع، وقلما أن توجد حتى في المجتمعات والثقافات الأكثر انفتاحا لكنها غزت مجتمعنا عنوة وبصور مفاجئة، فجاء الجواب مباشرا وعفويا لأن ذلك الرجل يرى وكل العقلاء معه بأنها ممارسات تنافي العقل والمنطق، وأما تفسير المفردات الواردة في إجابته المفيدة المختصرة أن «الفقعة» تعني جحود النعمة وإنكار تفضل المنعم سبحانه ثم ختم عبارته بأن أقسم بأنه صادق. *فمن المظاهر الغربية التي تنافي العقل والمنطق وعلى سبيل المثال لا الحصر:*
*- ما يتم تداوله عبر مقاطع فيديو توثق افتتاح مطعم يقدم وجباته الباهظة الثمن في أوان تخالف ما جرت عليه العادة، بحيث يتم وضع الأطعمة وتقديمها في أطباق على هيئة «جمجمة إنسان» وتبرز في أطراف الإناء المنتصب على المائدة عظام الوجه، وكذلك الندل -جمع نادل- الذين يقدمون تلك الوجبات يرتدون مجسمات تكسوهم على هيئة الهيكل العظمي الكامل للإنسان وتقف مشدوها مذهولا إذا لم تكن تعلم قبل دخولك ذلك المطعم وأنت تشاهدهم وهم يتحركون بين طاولات الطعام في منظر مقزز لا أرى أن له علاقة بالمدنية ولا بالتطور ولا بالذائقة، إضافة إلى أنه يتخلل ذلك وجود هياكل عظمية متحركة أخرى تؤدي الرقص على أصوات الموسيقى الصاخبة، التي يملأ صداها جنبات المكان ولا أعرف كيف يكون الاستمتاع في جو غريب وكئيب كهذا الوضع.**- أيضا من المناظر المؤذية عندما تشاهد صب السمن البري على أيدي الضيوف بعد جلوسهم حول مائدة فخمة مليئة بألذ أصناف الطعام.*
*- أو تعليق عقود طويلة من الذهب على جيد ناقة بزعم أنها فازت بالسباق أو تم تزويجها لبعير.**- ومن ذلك العبث أيضا طلاء بعض الأكلات بالذهب قبل تقديمها للزبائن. وغير ذلك من المظاهر المزعجة حقا وما أكثرها فكانت الإجابة التلقائية بتلك العبارة، التي اختصرت كثيرا مما يود المرء التعبير عنه حول هذه التصرفات، التي أعتقد بأنها ترتقي لأن تكون إما انتكاسة ثقافية لدى البعض في كيفية شكر النعمة، التي نتقلب فيها، وانحدار فكري غير منضبط يجعل ذوي الألباب والنهى حائرين أمامه، أو أنه تقليد أعمى لا تحمد عواقب تسويغه والسكوت عنه حتى يستشري ويصبح مع الأيام مألوفا.** وهنا يبرز لدى العاقل تساؤل عريض مؤداه:**- إذا كان قد تم إقرار بعض الأنظمة من الدولة -أيدها الله- للحفاظ على الذوق العام كمنع الخروج بملابس لا تليق، أليس من باب أولى أن ينطبق هذا النظام على كيفية تقديم المآكل والمشارب في الأماكن العامة، وحظر ما لا يتفق مع المباح والمألوف، خشية من أن يحل بنا غضب المولى إن لم ننكر هذه الأفعال ونتواصى على نبذها وعدم السماح لأصحابها بانتشار هكذا ممارسات ونمنعهم من خرق السفينة، التي تبحر بنا جميعا.*؟؟.**•(خاتمة)•** قال تعالى: {وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون} 117 هود.
[email protected]