وأخرى تطرد من المنزل لأن زوجة ولدها ترفض العيش معها، وأخرى وأخرى، وأمثال هذه القصص كثيرة.
تطرد بعد أن أفنت عمرها لأجل أبنائها التي أحبتهم أكثر من نفسها!! جاعت ليأكلوا، وسهرت ليناموا وتعبت ليرتاحوا، وشقيت ليسعدوا، مفارقات غريبة.
لن أشبه عاق هذا الزمن بعاق الزمن الماضي لاختلاف الحضارات، فعاق هذا الزمن أسوأ.. ولأتمم القصة..
كان من بين العرب الذين يسكنون الصحراء رجل له أم كبيرة في السن وهو وحيدها، وهذه الأم تفقد ذاكرتها في أغلب الأوقات نظرا لكبر سنها، ولا تنتبه لكلامها الذي يضايق ولدها لأنه يحط من قدره عند قومه.. وفي أحد الأيام أراد عربه أن يرحلوا لمكان آخر، فقال لزوجته: إذا شددنا غدا للرحيل، اتركي أمي بمكانها واتركي عندها زادا وماء، حتى يأتي مَن يأخذها ويخلصنا منها، أو تموت فقالت زوجته: أبشر!! سوف أنفذ أوامرك، شد العرب رحالهم، وتركت الزوجة أم زوجها بمكانها كما أراد زوجها، ولكنها فعلت أمرا عجبا.
تركت الزوجة ولدهما معها مع الزاد والماء، (وكان طفلهما في السنة الأولى من عمره، ووالده يحبه حبا عظيما، ويحب أن يلاعبه وقت استراحته) سار العرب وفي منتصف النهار نزلوا يرتاحون، فطلب هذا الرجل ابنه كالعادة. فقالت زوجته: تركته مع أمك، لا نريده.. قال: وهو يصيح بها ماذا؟ قالت: لأنه سوف يرميك بالصحراء كما رميت أمك.. نزلت هذه الكلمة عليه كالصاعقة، فلم يرد على زوجته بكلمة واحدة، أسرج فرسه، وعاد لمكانهم مسرعا عساه يدرك ولده وأمه قبل أن تفترسهما السباع. وصل الرجل إلى المكان وإذا أمه تضم ولده إلى صدرها، مخرجة رأسه للتنفس، وحولها الذئاب تدور تريد الولد لتأكله، والأم ترميها بالحجارة، وتقول لها: اخزي هذا ولد فلان، وعندما رأى الرجل ما يجري لأمه مع الذئاب قتل عددا منها فيما هرب الباقي، حمل أمه وولده بعدما قبل رأسها وهو يبكي ندما، وعاد بها إلى قومه، فصار من بعدها بارا بأمه، وزادت مكانة الزوجة عنده.
«ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن»..
في الحديث الشريف: جاء رجل إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- فقال: يا رسول الله مَن أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال: ثم مَن؟ قال: أمك، قال: ثم مَن؟ قال: أمك، قال: ثم مَن؟ قال: أبوك..
قطع حبلك السري لحظة خروجك للدنيا وبقي أثره في جسدك ليذكرك دائما بإنسانة عظيمة كانت تغذيك من جسدها! تذكر تذكر.
[email protected]