وأوضحت أن سلوك الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ربما شوه زعماء اليمين الشعبوي في أوروبا في الوقت الحالي، لكن من السابق لأوانه استبعادهم.
وتابع: سارع العديد من المعجبين السابقين ببوتين في اليمين الأوروبي القومي المناهض للهجرة إلى النأي بأنفسهم عن غزوه لأوكرانيا.
وأضاف: بعد الشعور بموجة من التعاطف العام مع البلاد، يقوم بعض من أشد المعارضين لقبول اللاجئين من سوريا وأفغانستان الآن، بشكل انتهازي، بتقديم بساط الترحيب بالأوكرانيين الفارين من الحرب.
موجة جديدة
وأردف: مع ذلك، لا يزال من الممكن أن يتحول المزاج السائد في أوروبا بسهولة إلى تأجيج موجة جديدة من الشعبوية بمجرد أن تبدأ تكلفة العقوبات المفروضة على روسيا في الداخل الأوروبي عندما ترتفع أسعار الطاقة والغذاء في أوروبا.
ومضى يقول: لنتذكر حركة السترات الصفراء الفرنسية التي لا قائد لها، والتي أغلقت الطرق في جميع أنحاء البلاد وأحدثت فوضى عنيفة لأشهر في ثورة شعبية ضد ارتفاع أسعار الغاز.
وتابع: اشتعلت هذه الحركة عندما وصلت أسعار الديزل إلى 1.53 يورو للتر في أكتوبر 2018، بعد زيادة ضريبة الكربون، ما أضر بجيوب الملايين الذين يعتمدون على سياراتهم في الذهاب إلى العمل أو التسوق أو اصطحاب أطفالهم إلى المدرسة.
وأضاف: منذ أن دخلت الدبابات الروسية إلى أوكرانيا، قفزت أسعار الديزل بالفعل إلى أكثر من 2 يورو للتر في فرنسا، والأسوأ من ذلك لم يأت بعد. ارتفعت فواتير الكهرباء والغاز الطبيعي في جميع أنحاء القارة، رغم جهود الحكومات لتخفيف الأضرار على الأسر الفقيرة.
واستطرد: لا يتعلق الأمر بالطاقة فحسب؛ بل إن أسعار الخبز واللحوم آخذة في الارتفاع أيضا، حيث أدت الحرب إلى تقليص الصادرات الروسية والأوكرانية من القمح والذرة، ما يهدد سبل عيش المزارعين والأسر في أوروبا.
وأردف: قد يلوم الناس بوتين الآن، لكن في الأشهر المقبلة قد ينقلبون بسهولة على حكوماتهم.
تكلفة المعيشة
ومضى يقول: من المحتمل أن تتأخر تداعيات تكلفة المعيشة في إنقاذ رموز اليمين المتطرف في فرنسا مثل مارين لوبان وإريك زيمور، اللذين عانى كلاهما أضرارا جانبية من قصف بوتين الوحشي للمدن الأوكرانية.
وتابع: قبل الجولة الأولى من التصويت في 10 أبريل، يحاول المرشحان تبرير مدحهما السابق للزعيم الروسي ويكافحان لإيجاد زاوية للهجوم على تعامل الرئيس إيمانويل ماكرون مع الأزمة.
واستطرد: أظهرت لوبان أشد مهارات المناورة السياسية حتى الآن بجلد أعضاء البرلمان الأوروبي للتصويت لصالح قرار صارم يدين الغزو، مع إصرارها أيضا على أنها لن تدعم أي عقوبة ضد موسكو تزيد من تكاليف معيشة الشعب الفرنسي. هي تقبل بمصادرة يخوت النخبة الروسية لكن لا تقبل بمقاطعة الطاقة الروسية؟
وبحسب التقرير، فإن أكبر ضربة لليمين المتطرف مع ذلك هي أن الحرب عرت تحذيراته من الهجرة الجماعية غير المنضبطة والادعاءات التي لا أساس لها من الاستبدال الكبير للفرنسيين الأصليين بالمهاجرين المسلمين.
شعور بالأمان
وأضاف: إضافة إلى ذلك، فإن دعوات كل من زيمور والمرشح اليساري الراديكالي جان لوك ميلينشون لفرنسا إلى مغادرة الناتو وإعلان نفسها غير منحازة، ودعوات لوبان لباريس للانسحاب من القيادة العسكرية المتكاملة للتحالف، كما فعل الرئيس شارل ديغول في عام 1966، وجدت القليل من الدعم في أزمة يشعر فيها الفرنسيون بأمان أكبر مع حلفائهم عبر الأطلسي وشركاء الاتحاد الأوروبي.
ومضى يقول: في أماكن أخرى من أوروبا، أدان السياسيون الذين قدموا أنفسهم على أنهم مثل بوتين في مسائل السيادة، وقبلوا المال والدعاية والمساعدة السرية لوسائل التواصل الاجتماعي، من آلة الدعاية الخاصة به، في الغالب غزو روسيا لجارة مستقلة ذات سيادة، حتى لو سعى العديد منهم إلى إلقاء اللوم على الناتو بسبب سعيه إلى التوسع.
وأردف: على سبيل المثال، فإن ماتيو سالفيني، زعيم حزب الرابطة اليميني المتشدد في إيطاليا، الذي غمر موقع تويتر بصور له ولبوتين، وأغلق موانئ إيطاليا أمام طالبي اللجوء الذين تم إنقاذهم في البحر، تعرض مؤخرا للعار علنا عندما ظهر لالتقاط صور سيلفي ترحب باللاجئين في بلدة بولندية صغيرة على الحدود الأوكرانية، لكن سرعان ما قدم له العمدة المحلي «قميص بوتين».
واستطرد التقرير: في العديد من البلدان الأوروبية، تخسر الأحزاب اليمينية المتطرفة التي بدأت كحركات احتجاجية راديكالية ضد العولمة والهجرة والاضطراب الاجتماعي عندما تتنازل عن مبادئها المتشددة لدخول الحكومة كشركاء صغار، أو ببساطة تحاول جعل نفسها أكثر قابلية للانتخاب، حيث يظهر المنافسون الأكثر تطرفا بسرعة لجذب ناخبيهم.
قانون نيوتن
وأوضح أنه من المغري الشعور بالراحة من الحتمية الظاهرة لانقسام اليمين المتطرف، والذي سمح للقوى السياسية السائدة بالانتصار في أوروبا مرارا وتكرارا، حتى في أعقاب أشد أزمة مالية منذ الكساد الكبير.
وأضاف: مع ذلك، سيكون من الخطأ الاعتماد على «قانون نيوتن» من الجاذبية السياسية للحفاظ على وحدة الاتحاد الأوروبي الجديدة، والتضامن من العاصفة الاقتصادية والاجتماعية القادمة التي أطلقتها هذه الحرب.
ونوه بأن تجميع المجتمعات الأوروبية وانتصار التيار السياسي الرئيسي على المحك، لا سيما مع بلوغ سعر البنزين 3 يورو للتر، وارتفاع أسعار الخبز والمعكرونة واللحوم، ووجود عائلات الطبقة العاملة التي لا تستطيع تحمل تدفئة وإضاءة المنازل.
واختتم بقوله: ما لم نفعل الكثير لمحاربة اتساع عدم المساواة الاجتماعية، فإن «تأثير بوتين» قصير المدى الذي يزعزع سمعة القوميين اليمينيين في أوروبا قد يكون مقدمة لتسونامي شعبوي.