ونحن بنعمة نحمد الله عليها في وطننا الحبيب من توافر الطعام بأسعار في متناول اليد والتنوع الثري من الأطباق العالمية، وسهولة الحصول عليها من أماكن البيع أو المطاعم والتوصيل.
ولا أعرف هل وضع هذا الجيل أسوأ بالتعود على الأطعمة السريعة والمنكهات والمواد المصنعة وقلة الإقبال على الخضار والفواكه والألياف الطبيعية ومضادات الأكسدة أو أن مشكلة الغذاء كانت منذ جيلنا وبعد الطفرة، فقد كان تأثيرها واضحا بتغيير النمط الغذائي الاجتماعي من أغذية طبيعية غير مصنعة إلى النمط الذي نعيشه الآن.
بدءا من الحليب الصناعي الذي كان يروج هو وأطعمة الأطفال المصنعة بوضع صور جميلة لأطفال تبدو عليهم ملامح الجمال بأوزان مرتفعة، وتدريجيا حلت الرضاعة الصناعية مكان الرضاعة الطبيعية.
وبسبب وجود الشركات الأجنبية والثقافة الاستهلاكية، دخلت بالسوق السعودي أصناف جديدة من الأطعمة والأشربة لعب الإعلان دورا مهما بتسويقها وربطها بالمناسبات والمشاركات الاجتماعية.
فشراب التوت المصنوع من ماء وسكر وألوان ونكهات صناعية رديف للسفرة الرمضانية هو والعصيرات المصنعة من مساحيق ومركز لمواد صناعية بنكهات طبيعية، وتقدم على الماء واللبن والحليب والعصير الطازج غير المحلى.
ودخلت علينا أطباق وحلويات وتسال جديدة تعتمد على النشويات والسكريات المكررة والدهون المشبعة والنكهات الصناعية وبسعرات غذائية عالية. وكان لافتتاح المطاعم السريعة الزهيدة السعر دور مهم بتغيير الثقافة الغذائية وتعرض من شركات تبرعا بالإعلان خصوصا عندما تقدم وجبات الأطفال مع هدايا، ويزداد حجم المشروب الغازي والبطاطا المقلية بتكلفة قليلة.
كما لعبت المدرسة دورا مهما بتأصيل العادات الغذائية السيئة بجيلي، فالمقصف يوفر المشروب الغازي أو الشراب المحلى بنكهات صناعية عوضا عن الماء أو الحليب، وتقدم الشطائر بحشوات رديئة من بدائل الجبن المصنع والعالي الدهون. كما كانت تباع الحلويات بالمقصف المدرسي بينما لا توفر أغذية صحية مثل الفواكه التي كنا نرسمها فقط بحصة الرسم، وبخارج المدرسة تتوفر مطاعم الأطعمة السريعة من مقالٍ بزيوت سيئة، مع وجود بقالات تبيع الحلويات الزهيدة السعر والمقدمة بشكل مغرٍ فكنا نشتريها خلسة عن أسرنا ونفضلها عما يعد بالمنزل من أطعمة تتفنن بها أمهاتنا ولا ترضينا.
تشبع جيلي على نمط غذائي سيئ نعاني من آثاره اليوم ولعلنا نجد صعوبة بتغييره، ليذكرنا بمسؤوليتنا تجاه النشء القادم وألا نقف مكتوفي الأيدي حتى نتحول لمجتمع مريض يعيش ليأكل.
وهذا لن يكون إلا بالتعاون المشترك للأسرة والمدرسة والوزارات الخدمية كوزارة التجارة بمنع بيع الحلويات للأطفال بدون وجود شخص بالغ معهم، وفرض ضرائب على الأغذية الضارة صحيا.
كما أننا بحاجة لتوجيه من الدولة ودعمها بفتح مطاعم صحية بالأسواق أو المطاعم توفر الأطعمة الصحية من سلطات منوعة وفواكه بأسعار متناولة للجميع.
كما نتمنى من وزارة التعليم أن تساهم بدور فعال لتعزيز النمط الغذائي الصحي، يبدأ بتخصيص وقت للفطور قبل بداية الحصص المدرسية، والاهتمام بالرياضة البدنية وإدخال دروس تهتم بثقافة الغذاء الصحي المناسب لمجتمعنا.
@DrLalibrahim