العلاقة بيننا وبين أبنائنا تحتاج منا إلى تقييم يومي وتحديث بشكل مستمر، خاصة في هذا العصر الحديث المتسارع في كل تفاصيله، الحياة بموجبه تغير مسارها وتغيرت أنماطها وما يجب علينا هو التكيف مع معطياتها، خاصة في التعامل مع أبنائنا وبناتنا في كل شيء وأهمها فيما يخص عملية التربية، حيث يستوجب علينا إعادة النظر في طريقة وأشكال تربيتنا للأبناء، وكيف ستكون هذه التربية حتى نستطيع معرفة أساليب حديثة وأكثر مواءمة وإيجابية حتى لا تكون لها نتائج ضارة، الأفراد لهم احتياجات عضوية كثيرة منها الحاجة للطعام والشراب والنوم والراحة والاستقرار وغيرها، كما يوجد لديهم بالمقابل حاجات نفسية ومنها الحاجة للحب، وكل الحاجات مهمة للإنسان ويجب علينا جميعاً كأولياء أمور إشباعها حتى نشعرهم بالتوازن، فإن عدم إشباعها يجعلنا نفقدهم عملية التوازن أو نحدث خللا فيها، فالحاجات العضوية بتركها تتدهور صحة الإنسان، وبالتالي قد تؤدي به إلى الموت، أما ترك ونقص الحاجات النفسية قد يحدث أثرها شيئاً خطيراً في شخصيته الإنسان، وبالتالي سيترك أثراً سيئاً على أنماطه السلوكية وحياته وطريقة تعامله مع الناس، فكيف نربي أبناءنا بالحب وكيف نغرس هذا الحب في نفوسهم، وهل لهذه الكلمة معيار حقيقي وطريقة ولغة معينة، فالحب عاطفة إنسانية متمركزة حول الإنسان، ونحن نعززها بتعاملنا الطيب معه، فالقرب من الأبناء والمسح على رؤوسهم والابتسامة في وجوههم والتعامل اللطيف معهم، يعتبر عامل جذب ليحدثوك فيما في نفوسهم ويقتربون منك وأنت بذلك تنشئ بينك وبينهم علاقة محبة وود واحترام ومصارحة، كما أن لنا في رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أسوة حسنة عندما كان يقبّل أحد سبطيه إمّا الحسن أو الحسين وعندما رآه الأقرع بن حابس فقال: أتقبلون صبيانكم؟!! والله إن لي عشرة من الولد ما قبلتُ واحداً منهم!! فقال له رسول الله أوَ أملك أن نزع الله الرحمة من قلبك، وأذكر قصة قرأتها لرجل أعمال خليجي كان في مكة، ويقول: صادفت ولداً صغيراً يتسول حول الحرم وطلبني بعض المال، فكسر قلبي منظره الرث ووجهه الحزين، فادخلت يدي لأخرج محفظتي لأعطيه وإذا هي ليست موجودة معي، وقد نسيتها بالشقة فاعتذرت منه بلطف وبدأت أمسح على رأس الطفل طول المسافة حتى وصلت قبيل الشقة، وقلت له غداً -إن شاء الله- سنتقابل، وذهب وهو يبتسم مسروراً، وفي اليوم الثاني خرجت من شقتي وإذا بالولد ينتظرني عند الباب، فأعطيته المبلغ ورفض، وقال لي: جئت إليك ليس قصدي الحصول على المال، وإنما رغبة مني في أن تمسح على رأسي، فأنا طفل يتيم الأبوين، قال: يعلم الله لم أتعرض لمثل الموقف المؤلم طوال حياتي، أيها الآباء وأيها الأمهات إن تقبيل الأبناء والمسح على رؤوسهم من أساليب الرحمة، التي أمرنا بها الخالق سبحانه وتعالى، وهي من طرق جذب الأبناء وطريقة مثلى لتربيتهم بالحب والتقدير. وإذا أزيلت من أنماطهم السلوكية قد نخسرهم ونكرس العنف في أخلاقهم.
@alnems4411