وقد يكون السبب هو تعارض الأمر مع رغبته أو مع الوقت الترفيهي الذي يقضيه وهو مستمتع به، فهو لا يقصد رفض توجيه الوالدين وإنما هو عنده رغبة أخرى في هذا الوقت مثل اللعب أو الأكل أو الراحة أو غيرها من الاحتياجات النفسية، وقد يكون سبب رفض الطفل وجود خلافات بين الوالدين، وقد مرت علي كثير من المشاكل لهذا السبب، فيكون الطفل منزعجا من الخلافات الكثيرة بين الوالدين أو الصراخ الدائم في البيت أو الإهمال الوالدي للبيت والأبناء أو وجود عنف جسدي بين الوالدين فيشاهد الضرب المتكرر بين الوالدين فيكون الطفل منزعجا فيعبر عن انزعاجه برفضه لحياته الأسرية ولتوجيهات الوالدين، وقد يكون الرفض سوء فهم أو عدم تعبير الوالدين عند التوجيه تعبيرا واضحا وسليما وفي الغالب توجيهات الوالدين تصدر بلغة الأوامر وليس الحوار وهذا مزعج جدا للأطفال، أو قد يكون السبب في رفض التوجيه تقليد أخيه الذي يرفض التوجيه فيقلده في الرفض.
فهذه مجموعة أسباب توضح رفض الطفل لتوجيه الوالدين وكل سبب يمكن أن يعالج بطريقة مختلفة، فلو كان الوالدان كثيري الخلاف فليتفقا على ألا يكون الخلاف أمام الأبناء، ولو كان السبب سوء الفهم ففي هذه الحالة لا بد أن يطور الوالدان أسلوبهما في الحوار مع الأبناء ليكون الحوار واضحا ومفصلا فيشعر الأبناء بالاحترام والتقدير، وهكذا
وهناك حلول أعمق لهذه المشكلة منها أن يكون الوالدان حازمين عند التوجيه من غير دلع ولا خوف على الطفل، فعندما يلاحظ الطفل أن الحزم مستمر من الوالدين فإنه يكون منضبطا وملتزما بالتوجيه، والحل الثاني لا بد من وجود قوانين واضحة في البيت مثل مواعيد الطعام ومواعيد النوم ومواعيد اللعب ومواعيد الصلاة والذكر وقراءة القرآن ومواعيد الزيارة ومواعيد الإنترنت ومواعيد الترتيب والتنظيم ومواعيد الدراسة وهكذا، فإن مثل هذه القوانين تعلم الطفل الجدية والنظام واحترام التوجيه.
والحل الثالث وجود نظام للثواب والعقاب فنعطي الطفل مكافأة لو التزم ونحاسبه ونؤدبه في حالة المخالفة أو التقصير مع مراعاة عمره ونفسيته وحالته الصحية والجسدية، والحل الرابع في حالة لو رفض التوجيه فإننا نغير أسلوبنا معه ثم نطلب منه نفس الطلب فإنه سيستجيب، فمثلا لو قلنا له تناول طعامك الآن فرفض، فيمكنني أن أغير أسلوبي معه وأقول له تريد أن تأكل طعامك الآن أو بعد نصف ساعة فأعطيه الخيار، ففي هذه الحالة سيستجيب لأنه شعر بأهميته في اتخاذ القرار، فتغيير الأسلوب يغير موقع الطفل من رافض للتوجيه إلى متعاون ومنفذ.
وفي الختام نقول إن الضرب والصراخ لا يغيران سلوك الطفل وإنما نحن أمرنا برحمة الطفل عند تربيته وتوجيهه فقد قال رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم (ليس منا من لم يرحم صغيرنا).
@drjasem