حتى نهاية القرن التاسع عشر كانت الولايات المتحدة الأمريكية هي المستهلك الأساسي للنفط، في حين كانت قوى العرض والطلب داخل سوق النفط تحافظ على وضع متوازن، وكانت هناك قوى ذات نفوذ والمعروفة بالأخوات السبع (مصطلح يشير إلى مجموعة من شركات النفط الأمريكية والأوروبية) حيث كانت تملك زمام الأمور فيما يتعلق بإنتاج وتصدير البترول حول العالم.
وللعودة لمسار الطاقة ودورها المهم تحديدا في اللعب كورقة رابحة وقوية وحازمة في مسائل اختلال التوازنات والصراعات القائمة حول العالم، ومع توالي الاكتشافات النفطية ظهرت منظمة أوبك OPEC (منظمة دولية تضم الدول المصدرة للنفط) عام 1960 بخمس دول (السعودية، العراق، إيران، الكويت، فنزويلا) توسعت فيما بعد لتضم 23 دولة حاليا فيما يعرف بالأوبك بلس، وبدأت الأمور تأخذ منحى آخر بعيدا عن سلطة الأخوات السبع، حيث تخلت السعودية عن مفهوم المشاركة وبدأت برنامجا للاستحواذ الكامل على حقوق النفط المستخرج من أرضها وكان لها ذلك عام 1980 بالسيطرة الكاملة على شركة أرامكو السعودية.
تتأثر عمليات إنتاج وتصدير الطاقة بأي أزمة من شأنها تعطيل تلك الإمدادات سواء كانت بسبب الكوارث الطبيعية أو الحروب أو القرصنة أو التصريحات السياسية.
خلال العقود الماضية برزت مجموعة من الأحداث التي تسببت بتوقف عمليات الإمداد للنفط، أشهرها خلال حرب أكتوبر والمعروف بـ (يوم الغفران) بين الدول العربية من جهة ودولة إسرائيل المحتلة من جهة أخرى، وذلك بين عامي 1973 و1974 حينها قررت المملكة العربية السعودية بقيادة الملك فيصل -رحمه الله- تعليق إمدادات النفط للدول الغربية والولايات المتحدة الأمريكية الداعمة للكيان الصهيوني، الأمر الذي بدا نقطة تحول لميزان القوى باستخدام الطاقة سلاحا سياسيا بامتياز، حيث واجه العالم حينها نقصا حادا في الإمداد النفطي، ما أدى لارتفاع أسعار النفط أربعة أضعاف.
قبل ذلك سخر المحللون النفطيون من أن الدول المصدرة للنفط يمكنها أن تستخدم النفط سلاحا، لكن أحداث حرب أكتوبر أثبتت خطأ نظرتهم تلك. (سلطة النفط - روبرت سليتر)
غيرت الزيادة في الطلب على النفط وجه السوق تماما في التسعينيات من القرن الماضي حيث زاد الطلب العالمي على النفط بنحو 16 مليون برميل يوميا بين عامي 1190 و2004، وقامت دول أوبك بفعل كل ما بوسعها من حيث الإنتاج لضمان استقرار الأسواق العالمية.
عام 2008 وفي ظل الأزمة الاقتصادية التي عصفت بالعالم حينها، ارتفع سعر النفط بدرجة كبيرة وهيمن على الخطاب العالمي ووسائل الإعلام العالمية، وقد هددت الزيادة في سعر الوقود بالنسبة للمستهلك النهائي بزعزعة استقرار الاقتصاد العالمي، فيما ناشد قادة العالم السعودية زيادة المعروض للسيطرة على الأسعار.
وفي ظل الأزمة الحالية والحرب الروسية - الأوكرانية ناشد قادة الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية السعودية زيادة الإنتاج للسيطرة على ارتفاع أسعار الطاقة بسبب الحرب والتوترات السياسية القائمة، فيما أكدت المملكة التزامها باتفاق أوبك بلس.
أخلت السعودية مؤخرا مسؤوليتها من أي نقص في إمدادات البترول للأسواق العالمية بعد تزايد هجمات مجموعة الحوثي الإرهابية والمدعومة من إيران واستهدافها المباشر بالطائرات المسيرة لمصادر الإنتاج بالمملكة، واضعة العالم أجمع في الصورة لوضع حد لاستفزازات الحوثي المتكررة.
@uthman8899