ونقلت وزارة الخارجية الصينية عن وانغ يي قوله لنظيره الأوكراني دميتري كوليبا، خلال مكالمة هاتفية بينهما الإثنين: «الحرب سوف تنتهي لا محالة، والأهم الآن هو كيف استيعاب التجربة الأليمة وضمان الأمن المستدام في أوروبا».
وتابع الوزير الصيني: «نحن واثقون بأن لدى أوكرانيا ما يكفي من الحكمة كي تتخذ قرارا يراعي المصالح الأساسية لشعبها».
من جهة أخرى، التقى وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف أمس بالأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط رفقة وزراء خارجية كل من الأردن، والسودان، والعراق، ومصر، الذين يمثلون مجموعة الاتصال الوزارية التي شكلها مجلس الجامعة في 9 مارس الماضي لبحث الأزمة في أوكرانيا وتداعياتها علي الأمة.
وفي مؤتمر صحافي لوزير الخارجية الروسي ووفد الوساطة العربي، أعلن لافروف أنه بحث مع الوفد العربي «المسائل الإقليمية والدولية والوضع في أوكرانيا»، فيما شدد وزير الخارجية المصري سامح شكري ممثلا للوفد، على «ضرورة اللجوء إلى الحلول السلمية لأزمة أوكرانيا».
مجرم حرب
في غضون هذا، وصف الرئيس الأمريكي جو بايدن نظيره الروسي فلاديمير بوتين بأنه «مجرم حرب»، ودعا إلى عقد محاكمة مختصة بجرائم الحرب، مع تصاعد الغضب العالمي بسبب مقتل مدنيين في بلدة بوتشا الأوكرانية.
وقال بايدن للصحفيين في البيت الأبيض: «رأيتم ما حدث في بوتشا، إنه مجرم حرب».
وفي حديث مع مجلة «نيوزويك» أشار السفير الروسي لدى واشنطن، أناتولي أنتونوف إلى أن «الولايات المتحدة تكتمت عمدا على حقيقة أنه فور انسحاب القوات الروسية، عرّضت القوات المسلحة الأوكرانية مدينة بوتشا لنيران المدفعية، وقد يؤدي ذلك إلى خسائر في صفوف السكان المدنيين».
في حين قال وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف: إن الوضع والفبركة في مدينة بوتشا بضواحي كييف هو استفزاز ويمثل تهديدا للسلم والأمن الدوليين.
وأضاف لافروف في اجتماع مع نائب الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، مارتن غريفيث: «تم شن وتنفيذ هجوم وهمي (مزيف ومفبرك) آخر في مدينة بوتشا بمنطقة كييف، بعد أن غادرت القوات الروسية من هناك، ووفقا للمخطط (الغربي) أقيم هناك عرض مسرحي بعد أيام قليلة (من انسحاب القوات الروسية)، وتم نشر الفبركات عبر جميع القنوات والشبكات الاجتماعية من قبل الممثلين الأوكرانيين ورعاتهم الغربيين».
واكتُشفت مقبرة جماعية وجثث مقيدة لأشخاص قُتلوا بالرصاص من مسافة قريبة في بوتشا، خارج كييف، وهي بلدة استعادتها القوات الأوكرانية من القوات الروسية، مما يدفع الولايات المتحدة وأوروبا على ما يبدو إلى فرض عقوبات إضافية على موسكو.
وقال بايدن «علينا أن نجمع المعلومات، علينا أن نواصل تزويد أوكرانيا بالأسلحة التي تحتاجها لمواصلة القتال، وعلينا الحصول على كل التفاصيل حتى تكون هذه محاكمة فعلية تتعلق بجرائم الحرب».
وأضاف بايدن أن بوتين «وحشي، وما يحدث في بوتشا شائن، وشاهده الجميع».
تحقيق روسي
في المقابل، أعلنت «لجنة التحقيق الروسية» أنها تدرس ما أسمته بـ«انتشار التقارير الكاذبة» عن مقتل مدنيين في بوتشا.
وقالت اللجنة الاثنين: إن رئيسها ألكسندر باستريكين أصدر تعليمات بإجراء تقييم «للاستفزاز من جانب أوكرانيا» من وجهة نظر جنائية.
ويقول سفير موسكو في واشنطن: «إنه من الواضح أن نظام كييف يحاول تحميل روسيا مسؤولية كل الفظائع التي ارتكبها».
وكانت وزارة الدفاع الروسية نفت الاتهامات الموجهة لقواتها بقتل مدنيين في مدينة بوتشا في مقاطعة كييف، خلال العملية العسكرية التي تجريها موسكو في أوكرانيا.
ومن ناحيته، أعلن الاتحاد الأوروبي أمس الإثنين، عزمه إرسال فرق تحقيق لبحث ما تردد أنها جرائم حرب روسية في بلدة بوتشا وأماكن أخرى.
وبعد اتصال هاتفي بالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية أورزولا فون دير لاين أن هيئة التنسيق الأمني والقضائي في الاتحاد الأوروبي (يوروجست) وهيئة الشرطة الجنائية الأوروبية (يوروبول) على استعداد لدعم تلك التحقيقات.
وستجمع هذه المجموعة الأدلة وتجري تحقيقا في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.
وقالت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس جرينفيلد الإثنين: إن الولايات المتحدة ستطلب من الجمعية العامة للأمم المتحدة تعليق عضوية روسيا في مجلس حقوق الإنسان، بعد أن اتهمت أوكرانيا القوات الروسية بقتل عشرات المدنيين في بوتشا.
ويمكن لأغلبية الثلثين في الجمعية العامة التي تضم 193 عضوا تعليق عضوية أي دولة في المجلس لارتكابها انتهاكات جسيمة ومنهجية لحقوق الإنسان أثناء عضويتها.
وخلال زيارتها لرومانيا لمتابعة كيفية تعاملها مع تدفق اللاجئين الأوكرانيين، قالت جرينفيلد للصحفيين «رسالتي إلى تلك البلدان المائة والأربعين التي وقفت معا بشجاعة هي: الصور القادمة من بوتشا والدمار في جميع أنحاء أوكرانيا يتطلب منا الآن أن نطابق أقوالنا بالأفعال».
الوضع الميداني
وعلى جانب آخر، قالت هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الأوكرانية: إن هناك إمكانية وقوع هجمات جوية وصاروخية على أهداف مدنية في خاركيف.
وبالإضافة إلى ذلك، عززت روسيا الدفاعات الجوية لقواتها في المنطقة وفي مدينة بيلجورود على الجانب الروسي من الحدود.
وقد تعرض مستودع للوقود للاحتراق في بيلجورود الأسبوع الماضي، وقالت موسكو: إن أوكرانيا شنت هجوما بمروحية ضد منشأة التخزين.
وفي شأن ماريوبول المحاصرة، قال المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر جيسون سترازيوسو: إن فريقا من اللجنة تم توقيفه خلال محاولته الوصول إليها أمس الإثنين لإجلاء مدنيين، وهو محتجز الآن في بلدة مانوش القريبة.
وتابع قائلا: إن الشرطة هي التي تحتجز الفريق، دون أن يكشف تفاصيل، وأضاف إن هذا «ليس موقف احتجاز رهائن».
وهذه المحاولة هي الرابعة خلال عدة أيام للوصول إلى المدينة المحاصرة منذ 24 فبراير.
واتهمت نائبة رئيس الوزراء إيرينا فيريشتشوك القوات الروسية بعرقلة جهود الإجلاء التي يبذلها الصليب الأحمر.
ومع فرار أكثر من ثلاثة ملايين من أوكرانيا إلى دول الجوار، فيما نزح نحو 4 ملايين آخرين إلى مدن بالداخل، سجلت الشرطة الألمانية رسميا 306 آلاف و836 لاجئا، 84% منهم نساء وفتيات منذ بدء الحرب في 24 فبراير، التي وصفها بوتين بالعملية الخاصة في وجه النازيين الجدد، فيما تقول كييف والغرب: إن روسيا اعتدت على أوكرانيا بلا مبرر.
وقال مسؤول دفاعي أمريكي كبير الإثنين: إن روسيا سحبت حوالي ثلثي قواتها من محيط كييف، مع نشر الكثير منها في روسيا البيضاء.
وأضاف المسؤول، الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، أن من المرجح إعادة توجيه القوات صوب شرق أوكرانيا لكن لم يتم تأكيد ذلك بعد.
تأييد ورفض
ويقول وزير الخارجية الإيطالي لويجي دي مايو لوكالة الأنباء الإيطالية (أنسا) بتصريحات على هامش اجتماع في زغرب: إن إيطاليا لن تعترض على فرض عقوبات على الغاز الروسي، وفقا لوكالة «بلومبيرج» للأنباء.
وعلى النقيض من ذلك، صرح وزير الخارجية النمساوي ألكسندر شالنبرج لهيئة الإذاعة النمساوية بأن بلاده لن تؤيد فرض الاتحاد الأوروبي لعقوبات ضد الغاز الروسي على خلفية الحرب في أوكرانيا.
وقال شالنبرج: إن اتخاذ إجراء لوقف استيراد الغاز الطبيعي من روسيا سوف يضر بالاتحاد الأوروبي أكثر من الإضرار بحكومة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وأضاف «إن الاتحاد الأوروبي يمكنه بحث إجراءات أخرى لتشديد العقوبات ضد روسيا».
ووفقا لـ«بلومبرغ»، ضغطت إيطاليا من أجل فرض الاتحاد الأوروبي حدا أقصى لسعر واردات الغاز من روسيا، لكن هذا الاقتراح يعارضه شركاء أوروبيون، من بينهم ألمانيا.
وعلى صعيد الحرب الدبلوماسية بين موسكو والغرب، أعلن وزير خارجية ليتوانيا جابريليوس لاندسبيرجيس الإثنين، طرد السفير الروسي من بلاده وإغلاق القنصلية في مدينة كلايبيدا.
وقال لاندسبيرجيس: إن هذه الخطوة تأتي ردا على ما وصفه بارتكاب القوات الروسية جرائم حرب في بوتشا.
وأضاف لاندسبيرجيس «أنه تم استدعاء السفير الليتواني في موسكو».
وفي سياق متصل، أعلن وزير خارجية لاتفيا إدجارز رينكيفيكس أن بلاده قررت خفض العلاقات الدبلوماسية مع روسيا.
وقال رينكيفيكس في تغريدة عبر حسابه على موقع «تويتر»: إنه سيتم الكشف عن قرارات ملموسة فور اكتمال الإجراءات الداخلية.