وتقول أوكرانيا: إنها أجلت آلاف المدنيين في الأيام القليلة الماضية من ماريوبول التي تحيط بها مناطق يسيطر عليها الانفصاليون المدعومون من روسيا في منطقة دونباس الشرقية.
وعلى صعيد آخر، قال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرج الثلاثاء: إن روسيا ستشن على الأرجح هجوما جديدا في منطقة دونباس بشرق أوكرانيا خلال الأسابيع القليلة المقبلة، مضيفا «إن الحلفاء لديهم الوقت للمساعدة في إعداد الجيش الأوكراني».
وقال ستولتنبرج ذلك في مؤتمر صحفي قبل يوم من اجتماع وزراء خارجية الدول الأعضاء بالحلف الذي يعقد اليوم الأربعاء لمناقشة تقديم المزيد من الدعم المالي والعسكري والإنساني لأوكرانيا.
وتأتي التصريحات لتؤكد إعلان موسكو في أواخر مارس بأنها تعيد التركيز على «تحرير دونباس بالكامل»، وهي منطقة صناعية تخضع جزئيا لسيطرة الانفصاليين المدعومين من روسيا منذ 2014.
طرد وإغلاق
وفي سياق الفعل والرد المضاد له، أعلنت عدة دول أوروبية، منها ألمانيا وفرنسا وإيطاليا والدنمارك والسويد وإسبانيا وليتوانيا، طرد عدد من الدبلوماسيين الروس، فيما قالت موسكو: إنها سترد بالمثل.
قالت وزارتا الخارجية في لاتفيا وإستونيا الثلاثاء: إن كلا منهما أمرت بإغلاق قنصليتين روسيتين وطلبت من العاملين فيهما مغادرة البلاد، في إجراءات جاءت ردا على الحرب في أوكرانيا.
وذكرت الوزارتان في بيانيهما أنه سيتعين على القنصليتين الروسيتين في دوجافبيلز وليابيا في لاتفيا، وقنصليتين أخريين في تارتو ونارفا في إستونيا إغلاق أبوابها بحلول نهاية أبريل، كما يتعين على العاملين بها المغادرة بحلول نفس الموعد.
وفي مدريد، أمرت الحكومة ما لا يقل عن 25 ممن يعملون بالسفارة الروسية بمغادرة البلاد، لتصبح إسبانيا أحدث دولة تقوم برد فعل تجاه ما يتردد عن ارتكاب مجزرة في بوتشا.
وأعلنت إيطاليا في وقت سابق الثلاثاء طرد 30 دبلوماسيا روسيا، حسبما أعلن وزير الخارجية لويجي دي مايو في مؤتمر ببرلين.
وتم استدعاء السفير الروسي سيرجي رازوف إلى الخارجية في روما، حيث تم إبلاغه بطرد موظفيه.
من ناحيتها، قررت الدنمارك طرد 15 مسؤولا روسيا يعملون في البلاد تحت غطاء دبلوماسي.
قرار ألماني
وفي المقابل، أفادت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، بأن بلادها لن تقف مكتوفة الأيدي بعد قرار برلين طرد دبلوماسيين روس يوم الإثنين.
وقالت: «سنرد أيضا على هذا العمل الشرير للآلة السياسية الألمانية»، بحسب ما أوردته قناة «أر تي عربية» الروسية.
وكانت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك قالت: إن بلادها قررت طرد «عدد كبير» من الدبلوماسيين الروس على خلفية العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا.
وفي ذات المنحى، قالت وزارة الخارجية الفرنسية الإثنين: إن باريس قررت طرد العديد من الموظفين الدبلوماسيين الروس، على غرار إجراء مماثل اتخذته ألمانيا.
إلى ذلك، قالت المنظمة الدولية للهجرة: إن عدد النازحين داخليا في أوكرانيا بلغ أكثر من 7.1 مليون شخص.
وكانت المنظمة قد قدرت منذ أسبوعين عدد النازحين داخليا بنحو 6.5 مليون شخص.
وبلغ عدد الأشخاص الذين فروا من أوكرانيا إلى دول أخرى منذ بدء الحرب 4.2 مليون شخص، بحسب أحدث بيانات أممية خاصة باللاجئين.
وشنت روسيا ما سماه بوتين «عملية عسكرية خاصة» في أوكرانيا يوم 24 فبراير، بهدف نزع سلاح البلد المحادد غربا، «وتخليصه من النازيين»، بينما تقول أوكرانيا والغرب: إن الحرب غير قانونية ولا مبرر لها.
جهود عربية
وبشأن الجهود المبذولة للتوصل لحل سلمي للأزمة ووقف النار واستعادة السلم والأمن، عقدت مجموعة الاتصال الوزارية العربية محادثات مع وزير خارجية أوكرانيا، أكد فيها العرب، على ضرورة وقف إطلاق النار وإنهاء الأزمة على أساس القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة ومبادئ حسن الجوار واحترام سيادة الدول وسلامتها الإقليمية.
وعبر الوفد العربي عن القلق من امتداد أمد الأزمة وتبعاتها الإنسانية والسياسية والأمنية والاقتصادية، مؤكدًا دعمه لمسار المفاوضات المباشرة بين الجانبين الروسي والأوكراني، واستعداده لإسناد هذا المسار بهدف التوصل إلى وقف العمليات العسكرية، تمهيدًا لحل سياسي مستدام للأزمة على الأسس التي تنسجم مع ميثاق الأمم المتحدة وتحفظ سيادة أوكرانيا وسلامتها الإقليمية والمصالح المشروعة للطرفين.
في غضون هذا، أدان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الضغوطات الأوروبية على شركة «غازبروم»، وتعهد باتخاذ إجراءات انتقامية في حال تم تأميم شركات روسية في الغرب، وقال أمس الثلاثاء: «إن التأميم سلاح ذو حدين».
وفي اجتماع حكومي عقد لبحث المسائل المتعلقة بمجمع الصناعات الزراعية والغذائية في روسيا، قال الرئيس الروسي: إن بلاده يجب عليها أن تتابع عن كثب صادراتها الغذائية إلى الدول المعادية لأن العقوبات الغربية أثارت أزمة غذاء عالمية وزيادات حادة في أسعار الطاقة.
أزمة غذاء
وحذر بوتين من أن ارتفاع أسعار الطاقة مصحوبا بنقص في المخصبات الزراعية (الأسمدة) سيدفعان الغرب إلى طبع النقود لشراء إمدادات، مما يؤدي إلى نقص في الغذاء بين الدول الأكثر فقرا.
وقال «هم حتما سيفاقمون نقص الغذاء في المناطق الأكثر فقرا في العالم، وسيثيرون موجات جديدة من الهجرة ويدفعون بشكل عام أسعار الغذاء لمزيد من الارتفاع».
وروسيا هي أكبر مصدر للقمح في العالم، وترسل إمداداتها بشكل رئيسي إلى أفريقيا والشرق الأوسط.
وهي أيضا منتج رئيسي للأسمدة، إذ تنتج أكثر من 50 مليون طن تمثل 13 % من الإنتاج العالمي.
وعن مزاعم بمجزرة في بوتشا، يقول متحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في جنيف: إن المنظمة الدولية تعتزم تكليف خبراء حقوق الإنسان التابعين لها بإجراء تحقيق بمقتل مئات من المدنيين في البلدة.
وانسحبت القوات الروسية من بلدات في شمال العاصمة كييف الأسبوع الماضي فيما تحول هجومها إلى جنوب أوكرانيا وشرقها، واستعادت القوات الأوكرانية السيطرة على بلدات دمرتها الحرب المستمرة منذ ما يقرب من ستة أسابيع، ومنها بوتشا، حيث تناثرت جثث مدنيين في الشوارع.
ودعا الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى محاكمة نظيره الروسي فلاديمير بوتين بارتكاب جرائم حرب.
ونفت روسيا أي اتهامات تتعلق بقتل مدنيين وقدمت «أدلة عملية» في اجتماع لمجلس الأمن الدولي أمس الثلاثاء تثبت عدم ضلوع قواتها في هذه الأعمال.
في حين قال مارتن جريفيث منسق الشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة، بعد اجتماع مع وزير الخارجية الروسي في موسكو الإثنين إن «أمامنا طريقا طويلا».
وأضاف أمام المجلس الثلاثاء «يتعين السماح للمدنيين بالانتقال إلى مناطق أكثر أمنا دون خوف من التعرض لهجمات».