تسارعت خطواتي حتى وصلت إلى باب كان ينبثق منه بصيص ضوء خافت، وحين أردت الدخول سمعت صوتها المتوسل وهي تخاطب من لم تسعفني عيناي لرؤيته خلف الباب: أتيت إليك وأنا لا رغبة لي بأن أحمل في روحي إلا ما يسرني، لست أطيق هذا الانتظار ولم أجد في الصبر حلة أكتسيها، إني في لهفة وفي رجاء بأنك ستحمل هذا الثقل عني، أرجوك: بل أتوسل إليك، إني لا أعرف أكثر كيف أتخذ هذا محبتك سبيلا أسلكه ليهدأ قلبي، لا تتركني إلى نفسي، فتهلكني، ضاقت مذاهبي وخلا فكري من الحيل ولم يعد لدي سواك، لقد كنت وحدك الملجأ منذ البداية ولكن يقيني بوجودك وبأنك سوف تتلقاني حين آتي إليك جعلني أسرف، إنك معتمدي وملاذي، قد أفردتك بحاجاتي، سري ونجواي، خذني بحلمك وعلمك عن جهلي وضعفي، اجعلني أسير خفيفة من كل شيء إلا منك، ضع لي أجنحة تحملني كغيمة بعيدا عن كل ما أجد، انزع الخوف مني وأبدله قوة وسكينة..
راحت صديقتي تسهب في رجائها وأنا أحاول معرفة من تخاطب ولكنها شعرت بوجودي وعلاها صمت طويل جعلني أمل من الوقوف هكذا.. تركتها ومضيت، بلاغة الشف فاقت صبر الانتظار عندي! وبعد حين لما التقيتها من الأسبوع التالي، بادرتها بسؤالي: ألا تريدين أن تخبريني بشيء؟ نظرت إلي بتعجب! كلا.. لا أريد أن أخبرك بشيء. زادت حيرتي، فقررت أن أصارحها بأنني قد استمعت إلى حديثها دون قصد مني وبأنني قلقت عليها أن تكون في حاجة للعون، وكان ما أردت، لكنها قالت لي: زوريني اليوم، ، وماهي إلا ساعات وأنا عندها، أخذت بيدي وأدخلتني إلى مكانها السابق، وعندما صرت في وسط الغرفة أصابتني هيبة خالطها الحياء ووقفت لدقائق صامتة أحسبها ساعات! نظرت إليها مبتسمة واستأذنتها بالخروج ومضيت.. لقد صنعت لنفسها معتكفا امتلأ بالمصاحف وسجادة واجهت القبلة وكانت رائحة المكان عطرة جدا. قد كانت تناجي الله سبحانه وتعالى، إنني مثلها أجدني في حيرة دائما من بعض الأشياء ولم يخطر ببالي أن أستخير ربي، بل كنت أخوض معارك الحياة بدون شورى، وكنت أتغلب على قلقي ومخاوفي بتمتمة الدعاء على عجالة، وإنني عندما أستصعب شيئا لا أستعين بالقوي على أدائه، بل كنت أتخبط بجهدي القليل بينما كنت أستطيع أن أطلب العون من الله سبحانه وتعالى.. لكنك تعلم يا الله أن بواطن ضميري ونيتي صادقة وأن صدقها هو المحرك الأساسي لجوارحي، وأن دعائي لك دائما كان مقرونا بالتوكل عليك، لست ممن ينسج الابتهالات الرائعة، لكني أدعوك هكذا بتلقائية، وعادة اللسان ما اعتاد عليه، وأدعوك لأني أدرك عظمة سلطانك وبسطة قدرتك وسعة رحمتك، وأنت إلهي تعرف قلبي وما أرجوه..
إن للدعاء أدبا وخلقا، نحمدك ربنا ما حيينا، لا تأخذنا بصغائر الأمور التي نجهلها أو نمرها كراما، عفوك أشمل وحبك هو غاية المنى..
تويتر: Nadia_Al_otaibi@