وهناك عادة أقليات مسلمة نشطة من عدة جنسيات في هذه الدول، والتي يكون من عاداتها التجمع للإفطار في المساجد وإقامة نشاطات دينية ترفيهية تجمع المسلمين في هذه المنطقة أو تلك للتعارف، وفي بعض الأحيان يكون هدفها حملة جمع تبرعات لبناء مسجد أو مدرسة دينية. وقد توقفت جميع نشاطات جمع التبرعات في أوروبا وشمال أمريكا بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر لأسباب يعرفها الجميع، ولكن الله منَ على مسلمي ولاية كنتيكت الأمريكية حيث كنت أقوم بإتمام جمع تبرعات لشراء أرض وبناء مسجد تم بناؤه بجهود حثيثه قبل أحداث الحادي عشر من سبتمبر. وهذا المركز الإسلامي الذي يضم مدرسة ودارا للدفن يقف كصرح شامخ يمكن رؤيته من عدة أميال على الطريق السريع رقم 84 الذي يعبر الولاية من شمالها إلى جنوبها.
وكنت أكثر ما أحس بالغربة أثناء إقامتي في أمريكا في الأعياد ورمضان، فهناك إحساس بالفرحة لقدوم رمضان ثم العيد ولكنه إحساس ممزوج بالمرارة. فكنت اضطر مثلا أن أذهب لمدارس بناتي لكي آخذ لهن إذنا في يوم العيد للغياب لكي آخذهن لصلاة العيد والإحساس بمظاهر العيد مع الجالية المسلمة في الولاية. وكان المسلمون في تلك المنطقة عادة ما يقومون باستئجار ساحة خالية لتأدية صلاة العيد، ويتبع الصلاة تهنئة الجميع بالعيد ومشاركة الفرحة. وكانت العادة المتبعة في هذه المنطقة أن يتجه البعض بعد ذلك للإفطار في مطعم ايهوب الشهير للفطائر المحلاة في تجمع مميز. وكانت تلك النشاطات هي ما يميز العيد اتبعها أنا شخصيا بالعيدية لبناتي ليشترين بها الألعاب أو الذهاب لمدينة ترفيهية لكي تحس أسرتي بفرحة العيد.
بدأ رمضان لهذا العام وأعاد إلى مخيلتي كل تلك الذكريات، وأنا أشكر الله عند الإفطار في كل يوم على عودتي سالما للوطن متسلحا بما حصلت عليه من تدريب في تخصصي. وهذ الإحساس العميق بالراحة والطمأنينة يزداد عند سماع أذان المغرب في منزلي، والجلوس حول مائدة الإفطار مع أسرتي في جو مفعم بالرضا والطمأنينة بحلول هذا الشهر الكريم علينا، ومن ثم العودة للروتين الرمضاني بالمشي للمسجد لأداء صلاة العشاء والتراويح بصحبة الجيران في الحي. إنه شعور لا يقدره ويعرف معناه إلا من افتقده لسنوات طويلة في الغربة.
أسأل الله أن يرد أبناءنا وبناتنا المغتربين لأرض الوطن سالمين غانمين ليعودوا ويساهموا في البناء بما لديهم من خبرات وعلم اكتسبوه في الغربة ويديم علينا الأمن والأمان.
@almaiahmad2