DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

القهوة السعودية.. تراث نوعي مؤهل للمنافسة عالميا

الصناعة بحاجة للتدريب واستقطاب الشباب وتحسين وسائل الإنتاج

القهوة السعودية.. تراث نوعي مؤهل للمنافسة عالميا
اتفق مختصون على أهمية الاهتمام بالقهوة السعودية، كعنصر تراثي مهم، ومصدر اقتصاد مؤهل للمنافسة عالميا، من خلال الدعم اللوجيستي والمعنوي والتدريب، واستقطاب المزارعين والشباب السعودي لهذا المجال، وتسليط الضوء على هذا التراث المهم دوليا، وتقديم أنظمة زراعة تواكب المتطلبات وتحسن الإنتاجية، مثمنين إطلاق العديد من المبادرات، مؤخرا، ومن بينها زراعة مليون شجرة بحلول عام 2025م، وكذلك مهرجان البن الخولاني، الذي حقق نقلة نوعية.
وأوضحوا خلال «ندوة اليوم» أن متطلبات النهوض بالقهوة السعودية، تشمل تكثيف اللقاءات بين مزارعي البن والمختصين، ودعم المزارعين بشتى الطرق، لزيادة حجم الإنتاج، وكذلك تغيير مسمى القهوة العربية إلى السعودية، مشيرين إلى أن أبرز التحديات تشمل، قلة أعداد المزارعين، وضعف الخبرة، وارتفاع تكاليف الإنتاج، ونقص أعداد المدربين، وهو ما يتطلب مبادرات إضافية تعزز نمو هذا المنتج.
بروتوكولات خاصة للضيافة وتقديم الفنجان
قال الباحث المتخصص في تاريخ وتراث المملكة العربية السعودية د. سعد العريفي: إن ارتباط المجتمع السعودي بالقهوة قديم، وهي مأخوذة من الفعل «قهى»، وسميت بذلك لأنها تقهي صاحبها عن الطعام أي تصده عنه، وكذلك يفعل البن.
وأكد أن ما يدل على ارتباط المجتمع السعودي بالقهوة، وجود «الوجار» في بيوت الدرعية وقصور الحكم، وبيوت البلاد التي كانت منضوية للدولة السعودية الأولى ثم الثانية ثم المعاصرة، كما ورد في المصادر التاريخية أن الإمام عبدالعزيز بن محمد بن سعود، كان يرسل القهوة إلى المصلين أثناء قيام رمضان، وهو ما يعكس دلالة مهمة على أهمية القهوة في حياة المجتمع آنذاك. تقاليد ومسمياتوقال: لكل فنجان من الدلة، وفق التراث، وظيفة معينة، فالفنجان الأول الهيف، والثاني الضيف، والثالث الكيف، والرابع السيف، والخامس الفارس، مشيرا إلى أن أدوات معينة، مرتبطة ببعض العادات المجتمعية مثل الأهازيج أو الأشعار أو القصائد وما شابه ذلك، وهي المحماس والمبرد والنجر.
وبيّن العريفي، أن للجزيرة العربية والمملكة «دلالاً» كثيرة من أبرزها الحساوية والقرشية والبغدادية والحايلية والحجازية والرسلانية، وهناك نوع خاص يسمى «الجبنة» وهو مشهور في جازان، وللقهوة أدوات مساندة مثل ليف الدلة والمهباش والبيز إضافة للفنجان.
وحول العادات التي اصطلح عليها المجتمع آنذاك في ممارسة شرب القهوة، أوضح أنه لا يصب القهوة للضيوف، إلا صاحب البيت أو ابنه أو أحد المقربين جدا من العائلة، ومن القواعد المهمة إمساك الدلة باليد اليسرى، ومن غير المقبول تجاوز هذه القاعدة، ثم يقدم من خلال اليد اليمنى 3 أو 4 فناجين ويصبها للحاضرين الأهم فالأهم، وقبل أن تدار القهوة للمرة الأولى، يجب على «المعزب» أو صاحب القهوة أن يهم ويشرب منها ليطمئن أنها مناسبة لتقديمها وملائمة للحاضرين. وتابع: القائم على صب القهوة يجب أن يكون واقفا ولا يجلس حتى ينتهي آخر شارب من فنجانه، وهناك كلمات تقال حين تقديم القهوة مثل «سم، تقهو، تفضل»، كما ارتبط التمر بالقهوة إذ يقدم معها عادة.
القهوة والتمروذكر د. العريفي في ذلك قصة، قائلا: يروى أن الملك عبدالعزيز كان جالسا مع رجاله، وكان في موسم شح التمور، فقال مَن يخبرني عن بهار القهوة ما هو، فالبعض قال هيل وعويدي وزعفرن وغيرها، وكلها نفاها الملك عبدالعزيز، حتى قام أحد الضيوف وقال «التمر»، فقال الملك عبدالعزيز «ايه والله إنه التمر..ما شفتوني ما شربت من فنجالي لأن ما في تمر».
وأضاف: للملك عبدالعزيز عادات راعاها في استخدام وشرب القهوة، منها أنه في مجلسه كان يقول «قهوة» بصوت خافت، فيردد القريب منه ذلك ومن بعده حتى يصل إلى باب المجلس، ثم الباب المجاور حتى إلى باب «المقهاة» فيسمعها صاحب القهوة ويعدها ويحضر ويقدمها للملك وضيوفه.
مليون «شجرة بن» في 2025م
قال رائد تحميص القهوة أسامة العوام إن هناك اهتماما موسعا بالقهوة السعودية ودعم هذه الزراعة والصناعة، كان آخرها مبادرات أطلقتها وزارة الثقافة عبر تسمية عام 2022 «عام القهوة السعودية»، وهي مبادرة لتصدير هذه الموجة من الاهتمام وتسليط الضوء عليها عبر تشكيل تصاميم مميزة تحاكي وتلامس احتياج الشباب وتوجههم نحو القهوة المختصة بأصنافها المتعددة.
وأضاف: «القهوة السعودية» متميزة في جزيرة العرب والشرق الأوسط، لأننا نزرعها ونحمصها بطريقتنا ونقدمها بأدواتنا ومعداتنا، ولها بروتوكولات خاصة في مجالسنا.
أنظمة زراعة
وأوضح «العوام» أن مهرجان البن الخولاني السعودي، احتفلت خلاله جازان بهذا المنتج، وتم إطلاق مبادرات منها توزيع حماصات على المزارعين المتميزين، وتقديم أنظمة زراعة تواكب المتطلبات، إضافة لمشاركة بعض الخبرات في هذا المجال.
وقال: من أهم التحديات التي تواجه البن الخولاني السعودي، هي محدودية الكميات، وهناك مبادرات تهدف لزراعة حوالي مليون شجرة بحلول عام 2025م، وهو رقم مهم جدا كبير، ويمثل قفزة نوعية في مجال الزراعة، كما نرى مبادرات حكومية متعددة تسعى لدعم زراعة البن بالطريقة العضوية، عبر تقديم دعم مباشر للمزارعين؛ مما يزيد التنافسية، ويواجه مشكلة قلة الإنتاج
وأضاف: بعض المستهلكين يرى أن أسعار البن السعودي يفوق نظيره، من الأنواع الأخرى، وذلك يعود إلى تكاليف الإنتاج العالية على المزارعين، كالري والأيادي العاملة، والمحافظة على المزرعة، ونتطلع أن تدعم المشاريع المقبلة، هذا المحصول، ليكون قابلا للنمو، والتصدير.
البن الخولاني في «اليونسكو»
ذكرت مديرة الجمعية السعودية للمحافظة على التراث «نحن تراثنا» والخبيرة المعتمدة لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) رهاف قصاص، أنه تم تسجيل عنصر القهوة العربية على القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي كملف مشترك مع دول الخليج في عام 2015، كما تم ترشيح ملف البن الخولاني كعنصر تراث ثقافي غير مادي للمملكة للتسجيل وفي انتظار القبول في أواخر عام 2022م.
وأوضحت أهمية إدراج أي عنصر يبرز التراث الثقافي لدى المملكة، والحث على المحافظة عليه، من خلال إجراءات بالتشارك مع المجتمع المحلي، والتوعية بعناصر التراث في المملكة العربية السعودية.
وقالت إن الجمعية تعمل على التعاون مع الجهات المعنية لدعم مزارعي البن في المملكة، ومواجهة التحديات أمامهم؛ للمحافظة على الممارسات الاجتماعية المرتبطة بزراعة البن في المملكة، كما تساهم الجمعية في التوعية بالمفاهيم الاجتماعية المرتبطة بعادات القهوة السعودية. وأضافت إن ارتباط المجتمع السعودي بالقهوة «وثيق»، إذ إنها من العادات اليومية.
66 % زيادة في نسبة المزارعين
ذكر المزارع حسين المالكي، أن الاهتمام بالقهوة بدأ عام 2014، إذ تم التدرج لممارسات زراعية جيدة، وكان التركيز قبل ذلك في الزراعة والممارسات على القهوة الشقراء، وليست «المختصة»، مشيرا إلى أن مهرجان البن الخولاني في ذلك العام حقق نقلة نوعية، وبدأ اهتمام الناس بالقهوة المختصة، ومثّل عام 2015 نقلة جيدة للمزارعين في طرق معالجة البن.
برامج تدريب
وقال: النقطة الأهم جاءت بعد عام 2018، فالكثير من المزارعين حصلوا على برامج تدريب، وبعدها وبفضل الجهود الحكومية والجهات المهتمة، جرى تقديم أول قهوة متخصصة بزراعة سعودية، وفي 2019 بدأ التصدير، وفي هذا العام، ولله الحمد، استطعنا التغلب على جميع الصعوبات والممارسات في مجال الزراعة والحصاد والمعالجة، وذلك بفضل الدعم والجهود الحكومية في استقطاب المدربين من كفاءات عالية جداً وبرامج لتدريب المزارعين، وهو ما أسفر عن نتائج ممتازة، واستطعنا في النسخة المقامة مؤخرا من معرض القهوة في الرياض من إقناع العديد من المحامص بالزراعة السعودية والمنتج السعودي.
وأضاف: المحاصيل السعودية ممتازة جدا، ولكن تحتاج اهتماما بالمزارعين وتدريبهم، حتى نستطيع مواكبة المحاصيل العالمية المنجزة، وبحمد الله منذ 2019 وحتى 2022 ننافس محاصيل عالمية.
وأشار إلى مجموعة من المناطق المتميزة في محاصيل القهوة، ومنها «عسير، الباحة، جازان»، كما يشهد عام 2022 زيادة نسبة المزارعين في المملكة بمعدل 66 %، مع اهتمام واسع من فئة الشباب لممارسة الزراعة، التي كانت سابقا مقتصرة على كبار السن.
تضاعف حجم الإنتاج في السنوات الأخيرة
قال المختص في زراعة البن يحيي المالكي: إن تاريخ القهوة في جنوب الجزيرة العربية، ممتد، وقد اكتشفها الإنسان وتعامل معها، تقريبا، في العام السابع الهجري، وتحديدا في سنة 615هـ، وجرى تحويلها، في ذلك الوقت، إلى مكسرات تزين بها الأطباق العادية، قبل أن تتحول إلى مشروب.
وأضاف: انتشرت ثقافتها انطلاقا من جنوب الجزيرة العربية عبر قوافل التجارة والحجاج، وانتقلت عبر هذا الإقليم إلى كل دول العالم، وهي تحمل اسمها العربي، وقام عليها في القرنين السابع والثامن الهجريين اقتصاديات العالم، وكان أغلب الحراك الاقتصادي يدور على منتج القهوة كمحصول إستراتيجي يدر أموالا كثيرة، لذلك حصل عليها صراع اقتصادي، وشارك الأجداد في هذا التنافس، واستطاعوا أن يثبتوا تواجدهم تاريخيا وأن يشاركوا ويسهموا في هذا الحراك.
وثائق تاريخية
وبيّن المالكي، أن الكثير من الوثائق التاريخية تحكي عن هذا الحراك الاقتصادي للقهوة، وشمل إقليم جنوب الجزيرة العربية بشكل خاص، كما تصاعدت حركة الاهتمام بالقهوة، وفي إحدى الفترات قل الاهتمام بالزراعة، مما أثر على إنتاج القهوة، وانتقل أغلب العاملين في الزراعة لوظائف حكومية وهجروا مدرجاتهم الزراعية فانخفض إنتاج البن في جازان ومحافظة الداير بشكل خاص، وانخفضت الكميات، إلى أن عاد الاهتمام بالمحصول نتيجة عودة اهتمام الدولة ودعم القطاعين الحكومي والأهلي بهذا المحصول الإستراتيجي الاقتصادي، وتصاعد مع هذا الاهتمام اهتمام المزارعين أنفسهم. وأضاف: منذ انطلاق أول مهرجان للبن الخولاني في عام 2015 تضاعفت نسبة المزارعين، والأشجار، وارتفعت كميات الإنتاج إلى ما يزيد على 3 أضعاف، كما تُوج الاهتمام الحكومي بعدد من المبادرات الأهلية من قبل بعض الشركات المعتبرة.
برنامج «ريف»
وأشار إلى أن وزارة البيئة والمياه والزراعة، توجت هذا الاهتمام عبر دعم المزارعين سواء عبر برنامج «ريف»، الذي يعد محصول البن أحد المحاور المهمة له، ويشمل البرنامج الدعم اللوجيستي والمعنوي والتدريب وتحسين الممارسات الزراعية، أو الدعم المادي، وبهذه الجهود المتكاملة سواء على مستوى المزارعين، أو المستوى الحكومي، أو الشركات، شهدت المحاصيل قفزة نوعية، ونطمح أن تتضافر هذه الجهود، ويصبح لدينا مثلث يضم المزارعين مع القطاعين الحكومي والأهلي، لتنمية هذه الثروة. وبيّن أن الإحصاءات تبين أن واردات القهوة سنويا، بمليونات الريالات، والسوق غارق بها لأن المنتج المحلي لا يغطي الاحتياجات، ولكن لو حاولنا تنمية الثروة لسد، ولو جزءا بسيطا من حاجة المستهلك، فإننا سنضمن الجودة ونشجع الناتج الوطني. وتابع: بإذن الله مقبلون على حراك كبير، وتوسع في المدرجات الزراعية، ونطمح بأن تكون قهوتنا السعودية ذات مكانة على مستوى الاقتصاد والجودة والممارسات.
التوصيات
1 - تكثيف اللقاءات بين مزارعي البن والمختصين.
2 - الاهتمام بالجودة والنوعية.
3 - الدعم اللوجيستي والمعنوي والتدريب.
4 - توثيق تاريخ القهوة السعودية.
5 - إنشاء متحف خاص يبرز تراث المنتج.
6 - الاهتمام بالزراعة في أماكن ملائمة للمحصول.
7 - تكثيف برامج تدريب المزارعين.
8 - استقطاب الشباب السعودي للمجال.
9 - تغيير مسمى القهوة العربية إلى السعودية.
10 - توعية بالمفاهيم المرتبطة بالقهوة السعودية.
11 - مبادرات لتسويق المنتج عالميا.
12 - تقديم أنظمة زراعة تواكب المتطلبات.
محدودية الكميات
قلة أعداد المزارعين
ضعف الخبرة
ارتفاع تكاليف الإنتاج
نقص أعداد المدربين
ندرة المعروض وارتفاع السعر