البيان الذي أصدرته النيابة العامة مؤخرا والذي يحث على عدم الرضوخ لخداع المتسولين الذين يستغلون شهر رمضان المبارك لاستثارة مشاعر الناس، والذي أشار إلى أن كل من مارس التسول أو حرض غيره أو اتفق معه أو ساعده بأي صورة كانت على امتهان التسول يعاقب بالسجن مدة تصل إلى ستة أشهر وغرامة تصل إلى خمسين ألف ريال، يذكرنا بنظام مكافحة التسول والذي يتضمن حظر التسول والقبض على المتسولين وإحالة من يمتهن التسول إلى الجهة المختصة ومصادرة الأموال التي يحصل عليها المتسول من تسوله، وهو نظام يتناول هذه الظاهرة الاجتماعية المؤرقة والتي رغم اتخاذ العديد من الإجراءات الإيجابية والعقابية فإنها ما أن نظن أنها اختفت حتى تطل برأسها من جديد خاصة في المواسم الدينية التي يوظفها المتسولون بخبث للحصول على الأموال من المواطنين الذين يستجيبون بحسن نية لمطالب هؤلاء واستجدائهم وتوسلاتهم، وتغرهم مناظر الفقر والحاجة التي يظهر بها المتسولون لاستعطاف الناس والتأثير عليهم. وتستمر هذه الظاهرة التي يلجأ إليها ضعاف النفوس رغم أن الدولة -أيدها الله- لم تترك نافذة أمام المواطن وخاصة ذوي الدخل المحدود والأسر الأكثر احتياجا إلا وفتحتها بالطرق النظامية ومن ذلك الضمان الاجتماعي وما يقدمه للمواطنين من المساعدات المنتظمة ضمن قنوات مشروعة، وهناك جمعيات ومنظمات القطاع الخيري التي تنتشر في أنحاء البلاد من أقصاها إلى أقصاها وهي تقدم العديد من أنواع الدعم والمساعدات لكافة الفئات المحتاجة سواء المساعدات المباشرة النقدية والعينية أو ما يشهده هذا القطاع من تحول نوعي في خدماته نحو التنمية الاجتماعية بديلا للمساعدات المباشرة وذلك بتأهيل أبناء وفتيات هذه الأسر وإعدادهم للالتحاق بسوق العمل في مهن ووظائف تناسب قدراتهم وإمكانياتهم إضافة إلى المساعدات الغذائية والصحية وإيجار المساكن وكفالات الأيتام وغيرها. ولذلك فإن ما أكدت عليه النيابة العامة وما تؤكد عليه كل الأنظمة والتعليمات أن أي مساعدات أو صدقات ينبغي أن توجه من خلال القنوات الرسمية لعدة أسباب أولها أن تصل هذه المساعدات لمن يستحقها فعلا وألا يحصل عليها المندسون والمتسولون الذين هم في معظمهم ليسوا من المواطنين، وضمان ألا تصل إلى جهات قد تستخدمها في الإساءة إلى أمن الوطن والمواطن سواء داخل البلاد أو خارجها كما تبين من العديد من القضايا. لذلك فإنه لا بد من التأكيد مرة أخرى وبث الوعي أن أي تبرعات أو مساعدات ينبغي أن تكون من خلال القنوات الرسمية التي تتيحها المنصات التي أطلقتها وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية خصيصا لهذا الغرض وكذلك من خلال الوسائط الرقمية في حسابات الجمعيات الخيرية المرخصة والتي تخضع أنشطتها للأنظمة المرعية في كل بلاد العالم كما هو الحال في بلادنا تجنبا لتحمل من يخالف هذه الأنظمة للمسؤولية في الوقت الذي تكون نيته عمل الخير نتيجة لتعاطفه غير المحمود مع المتسولين الذين لا هم لهم إلا الحصول على المال بأي طريقة.. لا شك أن الثقة في ولاء المواطن كبيرة ولكن المطلوب الوعي بما قد يقع فيه البعض من أخطاء حذر منها البيان وأوضحها نظام مكافحة التسول بحسن نية لا تكفي أن تكون عذرا.. فهل نحن فاعلون؟.
@Fahad_otaish