* «لا تأخذ المملكة أسعار النفط الحالية كأمر مسلم به، لذلك تمول وتطور القطاعات الأخرى، وتبني اقتصادا أكثر مرونة واستدامة».
* «نسبة الدين العام السعودي إلى الناتج المحلي الإجمالي تواصل السير في اتجاهها التنازلي، لتنخفض من 32.5٪ في عام 2019 إلى 25.4٪ في عام 2024»أبرز موقع «سيكنج ألفا» الاقتصادي الدولي الخطوات الاقتصادية الكبيرة التي قطعتها المملكة على طريق التنويع، وهو ما يؤكده تحسين تصنيفها الائتماني وفقا لوكالة «ستاندرد آند بورز» العالمية، كما نجت الرياض من «الصدمتين المزدوجتين» اللتين أصيبت بهما خلال العامين الماضيين بسبب الوباء، وانخفاض الطلب على النفط مع تراجع أسعاره، واستطاعت الآن الخروج أقوى من الأزمة.
وأضاف: «وسط حملتها متعددة الجوانب لتنويع اقتصادها، تكسب المملكة أخيرا تقديرا لجهودها، وتثبت قوة اقتصادها».
وأوضح الموقع أن الحرب الروسية الأوكرانية ألقت بأسواق السلع الأساسية في حالة من الفوضى. وفي بداية مارس الماضي، وصل سعر النفط إلى 123 دولارا للبرميل بزيادة مذهلة بلغت 68٪ هذا العام. واستطرد: «رغم أن الكثيرين يفترضون أن قوة الاقتصاد السعودي مرتبطة بشكل حصري تقريبا بهذا الذهب الأسود، وبالتالي ليس من المستغرب ترقية ستاندرد آند بورز لتصنيف المملكة الائتماني من مستقرة إلى إيجابية، لكن على عكس الرواية الشائعة، فالنفط ليس الشيء الوحيد الذي يعزز متانة الاقتصاد السعودي».
أهداف التنويع
وإلى جانب توجيه المملكة لبوصلة منظمة «أوبك» خلال هذه الفترة المتقلبة الماضية، فإنها ظلت تركز على تحقيق أهداف رؤية 2030 كذلك، رغم التحديات الاقتصادية السائدة. وأردف الموقع: «رغم أن النفط ما زال أساسيا للاقتصاد السعودي، لكن الأمر مختلف بالنسبة لرؤية المملكة التي ترتكز على التنويع».
أيضا، تهدف رؤية 2030 إلى تقليل الاعتماد السعودي على عوائد النفط، من خلال توجيه الاستثمار نحو الركائز الاقتصادية الحيوية الأخرى والقطاعات الناشئة، وهذا يتطلب تحولات أساسية في كيفية عمل الشركات، وفقا لـ«سيكنج ألفا».
وقال الموقع: «استحوذ قطاع النفط والغاز الطبيعي في المملكة على 28.1٪ من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2021، وتوسع الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 3.2٪ في عام 2021 بعد الانكماش بنسبة 4.1٪ في عام 2020».
فائض الميزانية
وتتوقع «ستاندرد آند بورز» متوسط سعر 85 دولارا للبرميل في عام 2022، وقد يعني ذلك فائضا في الميزانية الحكومية السعودية بنسبة 2.5٪ من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2022، وهو أول فائض يتحقق منذ عام 2013.
ولا تأخذ المملكة أسعار النفط الحالية كأمر مسلم به، ونتيجة لذلك تقوم بتمويل وتطوير القطاعات الأخرى، وتبني اقتصاد أكثر مرونة واستدامة. وفي ظل خطتها الحالية، تتبنى الحكومة وجهات نظر طويلة المدى وتتطلع إلى ما هو أبعد من تحركات أسعار النفط على المدى القصير.
ليس هذا وحسب، حيث أنشأت المملكة المركز الوطني لإدارة الديون في أواخر عام 2015 للمساعدة في ضمان وصول البلاد إلى أسواق الدين العالمية كوسيلة لتحقيق أفضل هيكل تكلفة، وكُللت جهوده بالنجاح حتى الآن.
تراجع الديون
ومن المتوقع أن تستمر نسبة الدين العام السعودي إلى الناتج المحلي الإجمالي في اتجاهها التنازلي، لتنخفض من 32.5٪ في عام 2019 إلى 25.4٪ في عام 2024، كما تخطط وزارة المالية لبناء إطار عمل موحد لإدارة الأصول السيادية.
وأصبحت الديون السعودية أكثر قابلية للاستثمار وجاذبية مع تحسين سيولة السوق، وتعزيز وصول المستثمرين الدوليين لجميع القطاعات الاقتصادية في المملكة.
وقال الموقع: «تسعى الرؤية الوطنية إلى جعل المملكة مركزا للاستثمار من خلال اللوائح والتشريعات المرنة، من بين تحسينات أخرى على مشهد الاقتصاد الجذاب في البلاد». ونما صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الوافدة بنسبة 257.2٪ في عام 2021. كما حطم الرقم القياسي النصف الأول من السنة المالية 2021، وحقق النصف الثاني مكاسب بنسبة 23.7٪ على أساس سنوي.
بيئة تنافسية
ولتحفيز الابتكار، تعمل المملكة على تمكين الشركات المحلية الصغيرة والمتوسطة والشركات المالية، كما تسعى إلى بناء بيئة أعمال تنافسية وصحية لجذب اللاعبين الجدد إلى قطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة. ولاستكمال هذا النظام البيئي، فقد طورت برامج تمويل مختلفة لمساعدة كل الشرائح وتشجيع مزيد من الشباب على الدخول إلى السوق، بحسب الموقع العالمي.
وتابع «سيكنج ألفا»: «ستساعد هذه المبادرات إلى جانب إنشاء بنك الشركات الصغيرة والمتوسطة الجديد، الصناعة على أن تصبح محركا للنمو الاقتصادي. كما تحتل المملكة المرتبة 12 في مؤشر توافر رأس المال الاستثماري، وهو من بين أبرز المؤشرات الفرعية لدى مركز التنافسية العالمي».
وتلقى قطاع التكنولوجيا المالية مؤخرا دفعة كبيرة من الحكومة، حيث قامت مؤسسة النقد العربي السعودي بترخيص 3 بنوك رقمية خلال الأشهر القليلة الماضية، بالإضافة إلى 3 شركات جديدة في مجال التكنولوجيا المالية، وإصدار أول ترخيص ممنوح للتمويل الجماعي القائم على الديون ورخصة الدفع.
تقنيات مالية
وقال الموقع: «تفتخر الدولة الآن بوجود 17 شركة تقنية مالية، وبالفعل احتلت المملكة مؤخرا المرتبة الثانية في التنافسية الرقمية بين دول مجموعة العشرين خلال عام 2021».
وتركز المملكة على تعزيز الدعم الإستراتيجي لاقتصاد البلاد من خلال صندوق الاستثمارات العامة، حيث يعمل الصندوق بمحفظة استثمارية متنوعة تزيد عن 500 مليار دولار من الأصول، وتعتبر بمثابة شبكة أمان وطنية.
وبحلول عام 2025، يأمل صندوق الاستثمارات العامة في توسيع قاعدة أصوله إلى 1.1 تريليون دولار، وفي وقت سابق من هذا العام، وإثباتا لمرونته الاقتصادية وجدارته الائتمانية، اقتنص صندوق الاستثمارات العامة على أول تصنيفات ائتمانية دولية له، حيث حصل على تصنيف A1 من وكالة «موديز»، وتصنيف مُصدر طويل الأجل عند مستوى A من وكالة فيتش.
المسار الصحيح
يعتبر صندوق الاستثمارات العامة أيضا القوة الأساسية التي تبُقي المشاريع الضخمة في المملكة على المسار الصحيح، حيث يشارك في مشروعات الشركات المحلية والدولية، ويؤسس مشاريع مستقلة بنفسه، كما يركز على الارتقاء بمعايير السلوك التجاري.
ومن الاستثمار إلى قطاع التعدين، حيث ما زال التنقيب عن الموارد الطبيعية الأخرى مستمرا، وتم العثور على 48 معدنا حتى الآن في المملكة، بما في ذلك معادن انتقال الطاقة المهمة مثل النحاس والزنك.
وأكدت المملكة مؤخرا على مدى أهمية الاستثمار في التعدين لتأمين مستقبلها، مشيرة إلى أن التعدين أصبح ضروريا بشكل متزايد للنهوض بالصناعات التحويلية والطاقة.
تنقيب متزايد
وأوضح «سيكنج ألفا» أن هناك ما يقدر بنحو 1.3 تريليون دولار من المعادن غير المستغلة في المملكة، وبالتالي فإن الهدف هو زيادة مساهمات القطاع في الناتج المحلي الإجمالي من 17 مليار دولار في عام 2021 إلى 64 مليار دولار بحلول عام 2030.
وقامت وكالة «موديز» أيضا بترقية توقعات البلاد من «سلبية» إلى «مستقرة» في نوفمبر 2021، ومن المحتمل أن يكون هناك المزيد من هذه الترقيات في الطريق، ولكن الأهم من التصنيفات المحسنة نفسها الأسباب الكامنة وراءها، وتحديدا الإصلاحات المالية في البلاد.
وإذا لم يكن كل ذلك كافيا، فقد ساعد إطار الرؤية على زيادة الإيرادات غير النفطية من أقل من 10٪ في عام 2015 إلى أكثر من 18٪ في عام 2020، كما دعم تقليل النفقات غير المرتبطة بالفائدة من 56٪ في عام 2015 إلى 53٪ في عام 2020، وانتعش نمو الأنشطة غير النفطية بنسبة 6.1٪ في عام 2021.
ختاما، وفي حين أن الارتفاع الأخير في أسعار النفط قد يكون خبرا جيدا للميزانية العمومية للمملكة، فإن الدولة أثبتت من خلال التزامها بإطار رؤية 2030، أن مستقبلها الاقتصادي لن يحدده القطاع النفطي.