بعد مرور 14 قرنا من انطلاق نور الرسالة المحمدية، التي جاءت لتخرج البشرية من الظلمات إلى النور، ومن الضلالة إلى الهدى ودين الحق، كتب التاريخ بحروف من ذهب اسما خالدا كان جنبا إلى جنب سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم)، إنها السيدة خديجة بنت خويلد -رضي الله عنها وأرضاها-، وإن شهادة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فيها تجعلنا نفتخر بها كامرأة وزوجة وأم وسيدة وإنسانة قدمت الكثير وأكدت بأفعالها أنها نموذج المرأة القوية، التي تصنع نفسها بنفسها وتواجه الصعاب والتحديات لأجل أهدافها ودفاعا عن الحق.
السيدة خديجة لم تكن إنسانة خاملة ضعيفة تمد يدها، بل كانت حديث العرب والقبائل، فالكل يحترمها ويقدرها، فقد كانت بمفهومنا الحالي امرأة أعمال، لها ثروة وتجارة كبيرة يحسب لها التجار ألف حساب، نعم، كانت امرأة ذكية قوية الشخصية ذات أخلاق عالية وكريمة حيثما احتاجها الإنسان وجدها تساعد الفقراء، وتكرم الضيف، وتؤوي المحتاج، إنها امرأة فريدة من نوعها تركت لنا إرثا ثقافيا وفكريا وأخلاقيا مازلنا نتعلم منه.
*الإسلام يعلي مكانة المرأة بتمكين دورها.. وخديجة نموذجا*
جدل كبير فتح منذ قرون ولا يزال قائما، لكنه لم يكن يخدم سوى أعداء الإسلام والمسلمين، ومَن يريدون تشويه صورته المشرقة عبر الولوج إلى أهم القضايا ومحاولة خدشها وعكس مفاهيمها بأفكار لا علاقة للإسلام بها، فالأمر يتعلق بالمرأة ومكانتها في الإسلام، والحديث في هذا الموضوع لو تطرقنا إليه سنحتاج إلى مجلدات ومجلدات، لكننا في هذا السياق يكفينا فخرا أن نضرب مثالا خالدا في ذاكرتنا الإسلامية عندما يتعلق الأمر بالسيدة خديجة، التي قال فيها نبي الرحمة أطيب الكلام وأجمل القصص قيلت عنها كانت في مواقفها مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لأنها فعلا كانت نقطة صنعت الفارق في حياة النبي وفي رسالة الدعوة، فهو القائل فيها: «آمنت بي إذ كفر بي الناس، وصدقتني إذ كذبني الناس، وواستني بمالها إذ حرمني الناس، ورزقني الله عز وجل ولدها».
إن السيدة خديجة كانت مصدر قوة لرسولنا الكريم كما للدعوة، التي ناصرتها بكل ما تملك من وجاهة ومال ومكانة، هي مدرسة ونموذج لكل نساء العالم لأنها ترسخ مكانة المرأة الحقيقية من جهة، وتؤكد أن الإسلام دعم وشجع المرأة واعتبرها أساسا في قيام المجتمعات واستمراريتها، ومن هنا ندعو إلى أهمية تفعيل دور المرأة وتمكينها للقيام بالكثير من الأعمال، التي لا شك أنها ستبدع فيها وتنهض لا محال بأمتها، وستكون مصباحا ونورا لها.
@Elhusseinif