واشتهر الساحل الشرقي في شهر الصيام ببعض العادات الاجتماعية بالمنطقة الشرقية المؤصلة لصلة الأرحام، ومنها "الغبقات" الرمضانية وهي نوع من الاجتماعات التي تميز بها الشهر المبارك للأهالي أو الأصدقاء، بطابع شعبي رمضاني، يشارك فيه جميع أفراد الأسرة بطبق أو عدد من الأطباق، وقد تطوّرت هذه العادة في الوقت الحالي حتى شملت الزينة الرمضانية للمنازل، والملابس الأنسب لها وهو زي شعبي (ثوب أو جلابية نسائية)، مع إحضار طبق صغير أو زينة رمضانية.
وأكد المواطن يوسف سالم السبيعي حرص أبناء الشرقية على الحفاظ على "القرقيعان"، وإقامته في ذات الوقت من كل عام في النصف من الشهر الفضيل، لما يحمله من موروث شعبي لساحل الخليج العربي.
وأشار السبيعي إلى أن الأطفال يطوفون بيوت الحي والأزقة في ليلة النصف من شهر رمضان، حاملين معهم حقائب قماشية مصنوعة يدويًّا، مطلقين أهازيج موروثة تقول كلماتها: "قرقيعان وقرقيعان... عطونا الله يعطيكم، بيت مكة يوديكم"، ويقوم الجيران بتوزيع المكسرات، والحلوى على الأطفال بكميات صغيرة، فيما يقوم البعض بتجهيز المقرمشات، والعصير، وبعض التوزيعات المحببة للصغار مع عبارات تحوي أمنيات خيّرة، وحين يعود الأطفال للمنزل يكون اجتماع العائلة.
كما تحرص بعض الأسر في المنطقة الشرقية على تخصيص بنت صغيرة تضرب الدف (أو الطبل) وتغني للأطفال، والبعض الآخر يستعين بالتقنية الحديثة لتفعيل القرقيعان وإطلاق الأهازيج عبر الأجهزة الذكية المصاحبة للأطفال في رحلتهم، فيما تقوم بعض الأسر بتخصيص عربات مجهزة بالزينة، تجرها الدواب حاملة الأطفال وهم يصدحون بأهازيج القرقيعان بما تحمله من سعادة لهم ولجميع من يقطن بجوارهم في لفتة تمد جسور التواصل بين حاضرهم وماضي أسلافهم.
وأوضح المواطن عبدالله العصيف من أهالي قرية التوبي بالقطيف أن الشهر الكريم تميز ببروز عادات التواصل الاجتماعي بطريقة مختلفة فكان الأطفال والكبار يتنقلون بين البيوت في الزمن السابق وفي أيديهم صحون مغطاة تمثل " النغصة " وهي مشاركة جيرانهم وجبة الفطور، وهذه عادة لا تكاد تختفي في المناطق الإسلامية كافة، ويتوقع أن يصل بعض المنازل قبيل صلاة المغرب أو صلاة التراويح (نغصة/ نقصة) من البيت المجاور، من باب مشاركة أجر الإفطار وفرحته، والنقصة هي أيضًا ما يجلبه المسافر بعد سفره لشخص أو عدة أشخاص، ولهذا تختص النقصة الرمضانية بالطعام الشعبي، وهي تشمل كذلك إرسال إفطار كامل لبيت مجاور، أو لشخص مغترب، وهي من صور التراحم، والتواصل، والتآلف المجتمعي في المنطقة الشرقية.
بدوره يستذكر المواطن علي ناصر الشطي من أهالي سنابس جزيرة تاروت أحد العادات التي كانت موجودة في الزمن السابق ولكنها اندثرت مع تطور الزمان شخصية أبو طبلة "المسحراتي" أو المسحر كما يعرفه أهل البلدة، يصدح قبل الفجر بصوت جهور مستخدماً الطبل في تنبيه الناس إلى قرب الإمساك بهذه الكلمات التي تنبه النائمين "قوم تسحر يا صايم ووحد ربك الدايم" وهي العبارة التي كان أبو طبلة يشدو بها بين سكك الأحياء، في مهمة نبيلة وقف نفسه عليها، أداته فيها صوت جهوري وطبلة رنانة، مشيراً إلى أن تلك العبارة تستحضر شجناً خاصاً لدى من أدركها قديماً.