كما تعهَّد الرئيس الروسي بضمان إحلال السلام واستئناف الحياة الطبيعية في منطقة دونباس.
وأشار، خلال اجتماع، إلى أن حياة سكان شبه جزيرة القرم ومدينة سيفاستوبول كانت مختلفة تمامًا عما كان في دونباس، مضيفًا: «لكن المأساة في دونباس خصوصًا جمهورية لوهانسك الشعبية هي التي أجبرت روسيا على بدء هذه العملية العسكرية».
وجدَّد بوتين التأكيد على أن هدف العملية العسكرية التي أطلقتها موسكو في 24 فبراير الماضي يكمن في «مساعدة مواطنينا في دونباس»، مضيفًا: «سنتصرف تدريجيًا وسنحقق وضعًا سيضمن تطبيع الحياة تدريجيًا هناك وتغييرها نحو الأفضل كما حصل في حياتهم في سيفاستوبول».
وأعرب بوتين عن قناعته بـ«إحلال السلام في دونباس بفضل روسيا»، قائلا: «هذا ما سيحدث».
إعلان روسي
من ناحية أخرى، أعلنت موسكو أنها سلمت كييف عرضا محددا ومكتوبا لتسوية تفاوضية للحرب، في حين شدد رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال لدى زيارته ضاحية بوروديانكا في كييف، على أن جرائم الحرب الروسية «لن تُنسى».
ونقلت وكالة «إنترفاكس» الروسية عن المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف القول: «تم تسليم مسودتنا للجانب الأوكراني، وتتضمن نصوصًا شديدة الوضوح والتفصيل»، ولم يكشف المتحدث عن أية تفاصيل بشأنها.
وقال: إنه لا يوجد موعد نهائي لترد فيه كييف على العرض، لكنه لفت إلى أن موسكو غير راضية عن وتيرة المفاوضات حتى الآن.
وأضاف: «قلنا مرارًا إن ديناميات عمل الجانب الأوكراني لا تحقق التطلعات، وقد أصبحت الكرة الآن في ملعب الأوكرانيين».
وكانت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا قالت في وقت سابق أمس: إن روسيا فقدت الثقة في الجانب الأوكراني المفاوض، معتبرة أن واشنطن وحلف شمال الأطلسي (ناتو) هما من يديران العمليات في أوكرانيا وليس رئيسها فولوديمير زيلينسكي.
وأوضحت: «فقدنا الثقة تجاههم منذ فترة طويلة، من جانب مكتب رجل يسمي نفسه رئيس أوكرانيا ويتمتع بالسلطات المناسبة، تم تقديم طلب إلينا لإجراء مفاوضات، ولم ترفض روسيا هذا الطلب. ثم، كما هو الحال دائما، بدأ السيرك، حرفيا ومجازيا، من جانب نظام كييف: أولا يأتون، ثم لا يأتون، وأحيانا يشاركون، وأحيانا لا يشاركون».
وقالت: إن الناتو وواشنطن هما من يديران العمليات في أوكرانيا وليس زيلينسكي.
السويد والناتو
وعلى صعيد ثان، خلص استطلاع أجرته صحيفة «افتون بلادت» السويدية إلى أن عدد المواطنين الذين يريدون الانضمام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) وصل لأعلى مستوى من أي وقت مضى، حيث ارتفع الدعم للحلف بعد الغزو الروسي لأوكرانيا.
وأفادت «بلومبرغ» بأن الاستطلاع أظهر أن 57% من المشاركين يؤيدون الانضمام للحلف، مقارنة بـ 51% خلال الشهر الماضي.
وقال 21%: إنهم يعارضون انضمام السويد للحلف، في حين لم يحسم 22% موقفهم.
بالتزامن، بدأ البرلمان الفنلندي نقاشًا بشأن سياسة الأمن، أمس الأربعاء، الذي من المتوقع أن يمهّد الطريق أمام طلب الانضمام لـ«ناتو»، بحسب وكالة «بلومبرغ» للأنباء.
وأثارت العملية الروسية بأوكرانيا في 24 فبراير نقاشًا بشأن انضمام محتمل للناتو في كل من فنلندا والسويد المجاورة اللتين تجنبتا طويلا العضوية للحفاظ على التوازن العسكري في منطقة بحر البلطيق.
وكانت روسيا قد حذرتهما مرارًا من العواقب المحتملة، فيما يسعى الرئيس فلاديمير بوتين للحصول على ضمانات ضد توسع الحلف قبل غزو أوكرانيا.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زخاروفا، لقناة «روسيا 24» الرسمية: إن روسيا «أعطت كل تحذيراتها من خلال كافة القنوات العامة والثنائية».
في المقابل، أكدت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك لدول البلطيق دعم برلين ضد تهديد محتمل من موسكو.
وقالت بيربوك، الأربعاء، بعد اجتماعها مع نظيرها اللاتفي إدجارز رينكيفكس في العاصمة ريجا: إن (الناتو) «سيحمي كل ركن من أركان الأرض معًا».
ألمانيا و«البلطيق»
وقالت وزيرة الخارجية الألمانية: «بإمكان لاتفيا وإستونيا وليتوانيا باعتبارهم حلفاء في الناتو أن يعتمدوا بنسبة 100% على ألمانيا».
وأشارت بيربوك في مستهل زيارتها للمنطقة التي تستغرق ثلاثة أيام إلى أن «سلامة أوروبا وسلامتنا جميعا مرتبطان ارتباطا وثيقا بأمن دول البلطيق».
وفي سياق متصل، أكدت الوزيرة أن بلادها ستساعد أوكرانيا عسكريا على المديين المتوسط والطويل في صراعها الدفاعي ضد روسيا، مضيفة إنه يتعيّن على حلفاء الناتو دعم أوكرانيا في الأيام والأسابيع المقبلة، موضحة في المقابل أن الأمر لا يتعلق فقط بالاحتياجات الملحّة، وقالت: «إنه يتعلق أيضًا بالأشهر الثلاثة المقبلة وأيضًا بالسنوات الثلاث المقبلة. وهنا ستكون ألمانيا قادرة على المساهمة بصورة أكبر».
وذكرت بيربوك أن الحكومة الألمانية خصصت لذلك مليار يورو حتى تتمكن أوكرانيا أيضًا من شراء أنظمة أسلحة أكثر تعقيدًا، والتي سيكون لها تأثير على المدى الطويل، مضيفة إنه يمكن لألمانيا توفير التدريب لهذا الغرض.
وطالب إيفان فيدوروف عمدة «ميليتوبول» الأوكرانية، خلال زيارته بروكسل، الاتحاد الأوروبي على إرسال المزيد من الأسلحة إلى أوكرانيا.
وقال خلال مناقشة في المجلس التشريعي الأوروبي «الأوكرانيون لا يفكرون في الدعم والمساعدة، إنهم يفكرون في مجرد النجاة، وأن يتوقف هذا الذي يحدث».
وكان فيدوروف قد اختطف لفترة وجيزة منتصف مارس الماضي خلال الصراع الدائر، ولكنه أطلق سراحه في وقت لاحق كجزء من صفقة تبادل أسرى وفقًا لبيان من الحكومة الأوكرانية.
غارات روسية
وعلى الصعيد الميداني، ذكر الناطق باسم وزارة الدفاع الروسية إيجور كوناشينكوف «أن الغارات الجوية الروسية قصفت 73 هدفا عسكريا في أوكرانيا الليلة الماضية».
وأضاف: «نتيجة لقوة الصدم للصواريخ عالية الدقة في منطقتي نوفوفورونتسوفكا وكيسيليفكا، جرى تدمير ما يصل إلى 40 جنديا من القوات الأوكرانية وكذلك سبع عربات مدرعة»، ولم يتسنَ التأكد من صحة هذه المعلومات من مصادر مستقلة.
وقال كوناشينكوف: إنه جرى توجيه الضربات في الأساس إلى أهداف تكتيكية.
ولم يذكر المتحدث أي تفاصيل بشأن الهجوم البري الروسي. ولم يذكر ما إذا كان تم الاستيلاء على مناطق أوكرانية.
في غضون ذلك، قال رئيس بلدية مدينة ماريوبول الأوكرانية: إن بلاده تأمل في إجلاء ستة آلاف من النساء والأطفال وكبار السن من المدينة المحاصرة إذا صمد اتفاق مبدئي جرى التوصل له مع روسيا.
وأضاف فاديم بويتشينكو، رئيس بلدية ماريوبول الذي غادر المدينة «أن 90 حافلة تنتظر للتوجه للمدينة الساحلية المدمرة جنوب البلاد»، وحذر من أن الاتفاق لا يزال ترتيبا مبدئيا مشيرًا إلى أن ما يقدر بنحو 100 ألف مدني لا يزالون بداخلها.
وإذا صمد الاتفاق وتم تنفيذه فسيكون أول ترتيب يتم التوصل له لتوفير ممر آمن للمدنيين للفرار من ماريوبول لمدن أوكرانية أخرى منذ 5 مارس، لكن ذلك الاتفاق الأول انهار بسرعة وحوصر العديد من السكان هناك لأسابيع دون كهرباء ولا مياه جارية ولا إمدادات.
اتفاق ماريوبول
وقال رئيس بلدية مدينة ماريوبول في التليفزيون الأوكراني «نعتزم إرسال حافلات لماريوبول لكن في الوقت الحالي الأمر لا يتخطى كونه اتفاقا مبدئيا».
وتابع: إن عشرات الآلاف قتلوا في المدينة المطلة على بحر «آزوف» التي تعرضت لدمار واسع النطاق منذ دخول روسيا لبلاده في 24 فبراير، ولم يتسنَ لرويترز التحقق من هذا التقدير.
وتنفي روسيا استهداف المدنيين عمدًا ولم يصدر تعليق من موسكو بعد عما إذا كان هناك ممر إنساني سيفتح للخروج من ماريوبول.
وكتبت إيرينا فيريشتشوك نائبة رئيس الوزراء الأوكراني على فيسبوك «بالنظر إلى الوضع الإنساني الكارثي في ماريوبول، هذا هو المكان الذي ستتركز جهودنا عليه اليوم».
وتابعت قائلة: «بالنظر إلى الموقف الأمني بالغ الصعوبة، قد تحدث تغييرات خلال عملية فتح الممر الآمن».
وشنت روسيا حربًا واسعة النطاق على أوكرانيا في 24 فبراير الماضي، وأمهلت موسكو آخر المدافعين عن ماريوبول، الذين تحصنوا في مصنع للصلب، موعدا نهائيا للاستسلام.
وتصف روسيا تحركاتها في أوكرانيا بأنها «عملية عسكرية خاصة» تهدف لنزع سلاحها والتخلص ممن تصفهم بأنهم قوميون خطرون، بينما تقول كييف والغرب: إن ما تفعله روسيا ذريعة غير مبررة لشن غزو.
ومن شأن السيطرة عليها أن تمنح روسيا تحكما كاملا في ساحل بحر «آزوف» وممرا بريا يربط البر الروسي الرئيسي بمناطق سيطرة الانفصاليين الذين تدعمهم روسيا في الشرق مع شبه جزيرة القرم التي ضمتها في 2014.