وتابع: هذا أمر غير معتاد، الشؤون الخارجية لا تستهلك عادة الرأي العام الأمريكي إلا إذا كانت الولايات المتحدة متورطة بشكل مباشر، وتكون أرواح الأمريكيين في خطر، وتساءل: ما الذي يفسّر هذا الاهتمام الشديد، وماذا يعني ذلك بالنسبة لثقافة سياسية أمريكية شديدة الاستقطاب تتعامل مع أزمة الديمقراطية فيها؟
ومضى يقول: يقرؤها بعض المعلقين على أنها لحظة رمزية للإجماع في دولة منقسمة، وأردف: في رأي الصحفي في قناة «فوكس نيوز» هوارد كورتز، البلد موحّد إلى حد كبير فيما يتعلق بأزمة أوكرانيا، وقد ضاقت المسافة بين الجمهوريين والديمقراطيين بشكل واضح، أغلبية كبيرة في كل حزب تفضل حظر النفط والغاز الروسي، رغم أن هذا سيرفع الأسعار في الداخل.
وأردف: أدت التغطية المكثفة للحرب في أوكرانيا إلى التركيز على أطر معينة تعكس المصالح الأمريكية، أبرزها إلى حد بعيد هو أن هذه حرب دفاعًا عن الديمقراطية، على الرغم من أن هذا غالبًا ما يتم تقديمه كمسألة جيوسياسية أكثر من كونه مشهدًا دراميًا لـ «دولة شجاعة تقاتل ديكتاتورية».
وأشار إلى أن شعبية هذا التأطير لا تشكل إجماعًا، حيث يسعى السياسيون والمحللون إلى تدوير معنى الحرب لمصالحهم الخاصة.
وأضاف: يحرص الرئيس الأمريكي، جو بايدن، وحزبه على الترويج لإطار الحرب على الديمقراطية، على أمل أن يلفت الانتباه إلى ما يعتبرونه تهديدات للمؤسسات الديمقراطية في الولايات المتحدة.
وتابع: مما لا شك فيه، أنهم يأملون كذلك في أن يوفر ذلك للرئيس ارتدادًا مطلوبًا بشدة في استطلاعات الرأي في وقت تتأرجح فيه نسبة التأييد له عند 42% مع اقتراب انتخابات منتصف المدة الصعبة.
وبحسب الكاتب: يزعم آخرون، يمينيون أكثر ومتحالفون في الغالب مع الرئيس السابق دونالد ترامب، أن الحرب تنعكس على أمريكا لتكشف عن ضعف قيادة بايدن، لقد دافع ترامب نفسه عن غزو روسيا لأوكرانيا ووصفه بأنه «عبقري» من جانب بوتين.
ولفت إلى وجود رواية أخرى لليسار، لا تجذب كثيرين، تقول: إن الاهتمام الشديد بالحرب من قِبل الأمريكيين يعكس موقفًا مركزيًا أو عنصريًا، موضحًا: هم يشيرون إلى التحيز العلني للمراسلين والنفاق في الالتفاف على معايير الصحافة المستقلة التي كانت سائدة في السابق.
وأضاف: أصبحت الحرب في أوكرانيا بمثابة اختبار «رورشاخ» النفسي لتصورات الأمريكيين ومخاوفهم بشأن الديمقراطية، لم يتم اعتبار الديمقراطية الليبرالية في الداخل، ولا ما يعادلها عالميًا، نظام عالمي ليبرالي قائم على القواعد، أمرًا مفروغًا منه كما كان من قبل.
وتابع: بالنسبة للجمهور الأوسع، في أعقاب الحرب عبر المنصات الإعلامية، يمثل اهتمامهم الشديد رغبة في الوضوح الأخلاقي وسط الاضطرابات والارتباك الناجم عن القومية العرقية والسياسات الشعبوية ونظرية المؤامرة التي تعكر صفو المجال العام.
وأردف: يرى العديد من الأمريكيين في هذه الحرب شكلاً من أشكال الصراع يسهل فهمه والتعامل معه أكثر من الانقسامات المدنية المحلية، إنها حرب جيدة، صراع مع خطوط واضحة للخير والشر، على هذا النحو، فهو أيضًا إلهاء؛ لأن مثل هذا الوضوح الأخلاقي يحجب بقدر ما يكشف عن التحديات المحلية أو الدولية للديمقراطية.