وتسببت المخاوف من تضرر مزيد من الدول من الخطوة، خاصة ألمانيا القوة الصناعية الرئيسية في أوروبا والتي اعتمدت على الغاز الروسي لسد أكثر من نصف وارداتها في 2021، في ارتفاع حاد في أسعار الغاز وزادت الاضطرابات المتعلقة بالأثر الاقتصادي العالمي للحرب.
وأمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأن تدفع الدول الأوروبية ثمن الغاز بالروبل في رده الأساسي والأكبر على العقوبات الغربية التي شملت تجميد أصول روسية تقدر بمئات المليارات من الدولارات وعزل موسكو إلى حد كبير عن النظام الاقتصادي الغربي.
اتهام أوروبي
واتهمت المفوضية الأوروبية أمس موسكو بأنها تمارس الابتزاز بتلك الخطوة، لكنها أضافت أن نظام المدفوعات الروسي يمكن أن يُستخدم دون مخالفة العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي.
وقالت شركة «أونيبير»، المستورد الرئيسي للغاز في ألمانيا: إن بإمكانها الدفع دون أي مخالفات.
وقال الكرملين، الذي يعتبر العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة وأوروبا إعلان حرب اقتصادية، الثلاثاء: إن «جازبروم» ستنفذ المرسوم الذي أصدره بوتين بخصوص المدفوعات بالروبل.
وقالت «جازبروم»: يجب سداد مدفوعات الغاز الذي تم توريده اعتبارا من أول أبريل بالروبل باستخدام تفاصيل المدفوعات الجديدة، والتي تم إبلاغ الأطراف المعنية بها في الوقت المناسب.
وأضافت في بيان «علقت جازبروم بالكامل إمدادات الغاز إلى بولجارجاز (بلغاريا) وبي.جي.إن.آي.جي (بولندا) بسبب عدم سداد المدفوعات بالروبل».
وبولندا في صدارة الدول التي تبذل جهودا لإيصال إمدادات عسكرية لأوكرانيا لمساعدتها في مواجهة القوات الروسية.
ومن ناحيتها، قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين: إن إعلان شركة الطاقة الروسية العملاقة جازبروم التوقف من جانب واحد عن تسليم الغاز لبعض العملاء في أوروبا هو محاولة أخرى من موسكو لاستخدام الغاز كأداة للابتزاز.
وأضافت فون دير لاين في بيان «هذا غير مبرر وغير مقبول، ويظهر مرة أخرى أن روسيا مورد للغاز غير جدير بالثقة»، وأضافت: إن التكتل سيسعى لمصادر بديلة لملء مخزوناته قبل الشتاء المقبل.
لكن ليس لدى أوروبا الكثير من الخيارات بالنظر لشح سوق الغاز العالمية حتى قبل تصاعد الأزمة، وتعتمد أوروبا على خطوط الأنابيب للحصول على أغلب إمدادات الغاز وليس في وسع الدول المنتجة الأوروبية أو في شمال أفريقيا التي لها اتصال بتلك الشبكة إضافة المزيد للإنتاج.
خنق روسيا
وفي وقت لاحق أمس، قال بوتين، في اجتماع مع أعضاء مجلس النواب بمدينة سان بطرسبورج: «إن خطط معارضي روسيا لخنق البلاد بالعقوبات باءت بالفشل» بحسب ما أوردته وكالة تاس.
وأضاف بوتين: «الخصوم كانوا يشنون حربا اقتصادية ضد روسيا منذ فترة طويلة، مستخدمين كل أنواع الذرائع، وأحيانا دون أي ذرائع، فرضوا المزيد والمزيد من العقوبات الجديدة، ولكن اقتصادنا ظل ثابتا».
ومع إطلاق روسيا عملية عسكرية في أوكرانيا فرض الغرب عدة حزم من العقوبات طالت قطاعات اقتصادية وأفرادا وشركات، من جهتها اتخذت الحكومة الروسية مجموعة من الإجراءات لضمان الاستقرار المالي في البلاد.
وبشأن سير المفاوضات، قال كبير المفاوضين الأوكرانيين: إنه لم يتم التوصل إلى اتفاق على اجتماع بين الرئيسين الأوكراني والروسي لمناقشة الحرب في أوكرانيا، على الرغم من الجهود التي تبذلها تركيا لترتيب مثل هذه المحادثات.
وقال ميخائيلو بودوليك: «إن موعد اجتماع رئيسي البلدين وسياق الاجتماع لم يتحدد بعد».
وأشار أيضا إلى تزايد الأعمال القتالية في شرق أوكرانيا والمحاولات الروسية «لتدمير» مدينة ماريوبول الجنوبية «بشكل كامل».
إلى ذلك، أعلنت رئيسة سلوفاكيا زوزانا كابوتوفا توريد المزيد من شحنات الأسلحة إلى أوكرانيا.
وخلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيرها الألماني فرانك-فالتر شتاينماير، قالت كابوتوفا في مدينة كوزيتش شرقي سلوفاكيا: إن هناك مفاوضات تجري في الوقت الراهن حول شراء أوكرانيا مدافع هاوتزر بعجلات طراز زوزانا من إنتاج سلوفاكيا.
وأضافت كابوتوفا إن بلادها منفتحة على المزيد من توريدات الأسلحة إلى أوكرانيا وأردفت: «موقف الجمهورية السلوفاكية واضح، وقد قدمنا من البداية مساعدات عسكرية بخلاف المساعدات الإنسانية، وفيما يتعلق بالحجم فإن هذه المساعدات هي الأكبر في تاريخ الجمهورية السلوفاكية».
وأوضحت كابوتوفا أن سلوفاكيا سلمت أوكرانيا، كما هو معروف بشكل عام، أسلحة من بينها نظام الدفاع الجوي إس300- كهدية.
حل الأزمة
وأيضا في سياق الدعم للأوكران، ذكر بيان من مكتب رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراجي أنه أبلغ الرئيس فولوديمير زيلينسكي أمس الأربعاء بأن روما تدعم بلاده بالكامل ومستعدة للمساهمة في إيجاد حل دائم للأزمة.
وأضاف البيان إن المحادثة الهاتفية ركزت على أحدث تطورات الوضع على الأرض في أوكرانيا ومساعدة كييف في مواجهة الغزو الروسي.
وفي بيان منفصل، قال مكتب دراجي: إن رئيس الوزراء الإيطالي سيلتقي بالرئيس الأمريكي جو بايدن في واشنطن يوم 10 مايو لبحث الحرب في أوكرانيا من بين قضايا أخرى.
ومن أوديسا، قال مسؤولون محليون: إن روسيا شنت هجومين صاروخيين وألحقت أضرارا بجسر رئيسي في المنطقة، في واقعة قد تؤثر على الخطط الأوكرانية لزيادة حجم الصادرات عبر موانئ نهر الدانوب.
ويربط الجسر البر الرئيسي لأوكرانيا مع جزء من منطقة أوديسا يقع بالقرب من مصب نهر الدانوب.
والجسر الذي يمر فوق مصب نهر دنيستر هو جزء من طريق السكك الحديدية الوحيد الذي تسيطر عليه أوكرانيا بالكامل إلى موانئ أوكرانيا على نهر الدانوب، والذي اعتبرته كييف طريقا واعدا للصادرات في ظل إغلاق موانئ البحر الأسود.
واعتادت أوكرانيا، وهي منتج زراعي رئيسي، تصدير معظم سلعها عبر الموانئ البحرية، لكن منذ بداية الحرب في فبراير اضطرت إلى التصدير بالقطار عبر حدودها الغربية أو عبر موانئ نهر الدانوب الصغيرة.
وأكد مسؤولو زراعة ونقل أوكرانيون أن البلاد تسعى لتعزيز القدرة التصديرية لموانئ نهر الدانوب التي تسمح بشحن الحبوب عبر الدانوب إلى موانئ البحر الأسود في رومانيا.
وتشترك رومانيا العضو في الاتحاد الأوروبي في حدود البحر الأسود مع بلغاريا وتركيا وجورجيا وأوكرانيا.
سلسلة انفجارات
وميدانيا، أعلنت موسكو وقوع سلسلة من الانفجارات في جنوبها واندلاع حريق في مستودع للذخيرة الأربعاء ووصف مسؤول أوكراني بارز الأمر بأنه رد على الروس.
ودون أن يعترف بشكل مباشر بمسؤولية بلاده، قال ميخائيلو بودولياك مستشار الرئيس الأوكراني: إن من الطبيعي أن تعرف مناطق روسية يجري فيها تخزين وقود وأسلحة ماذا يعنيه «نزع السلاح».
وكان يشير بذلك إلى هدف موسكو المعلن من الحرب على أوكرانيا والتي شنتها منذ نحو تسعة أسابيع في إطار ما تصفه موسكو بأنه «عملية عسكرية خاصة» لنزع سلاح جارتها.
وقال بودولياك «إذا قررتم مهاجمة دولة أخرى بتلك القوة وقتل الجميع هناك وسحق مواطنين مسالمين بالدبابات واستخدام مستودعات في مناطقكم لتنفيذ هذه العمليات، فعاجلا أم آجلا تلك الديون يجب أن ترد».
وجاءت انفجارات أمس بعد أن اندلع حريق كبير هذا الأسبوع في منشأة روسية لتخزين النفط في منطقة بريانسك قرب الحدود.
واتهمت روسيا أوكرانيا في وقت سابق هذا الشهر بمهاجمة مستودع وقود في «بيلجورود» بطائرات هليكوبتر، وهو ما نفاه مسؤول أمني بارز في كييف، وفتح النار على عدة قرى في المنطقة.
وفي واقعة الأربعاء، قال حاكم منطقة بيلجورود الروسية فياتشيسلاف جلادكوف: إن سلسلة انفجارات دوت في الساعات الأولى من صباح الأربعاء بالمدينة القريبة من الحدود مع أوكرانيا، وإن حريقا اندلع في مستودع ذخيرة بالمنطقة.
وقال جلادكوف إن الحريق الذي اندلع في مستودع ذخيرة لم يسفر عن إصابة أي مدنيين وتم إخماده.
وقال رومان ستاروفويت حاكم منطقة كورسك التي تقع أيضا على الحدود مع أوكرانيا: إن دوي انفجارات تم سماعه أيضا في الساعات الأولى من الصباح في مدينة كورسك لكنه رجح أن تكون أصوات أنظمة الدفاع الجوي.
وقال في وقت لاحق: إن طائرة مسيرة أوكرانية جرى اعتراضها فوق كورسك دون ضحايا أو خسائر.