[email protected]
بقدر قسوة حياة آبائنا وأجدادنا عندما عاشوا حياة التنقل والترحال في أسفارهم وتقلب أحوال حياتهم تولدت لديهم طباع صلبة جعلتهم يتكيفون مع أقصى المسالك وأصعبها، إلا أن هناك جانبا خفيا نظر إليه القليل وغفل عنه الكثير ألا وهو اللطف اللفظي المصاحب لصعوبة الحياة، التي ما زال منها الكثير من المصطلحات، التي نستخدمها في زمننا هذا، ويندر أن تجدها بلغة أو لهجة لدى الدول أو المجتمعات الأخرى، ذلك أنهم لا يصرحون للشيء بعينه، بل بما يوصل الفكرة لدى المتلقي، فمثلا تجدهم في نقل الخبر السيئ يذهبون لتسمية الشيء بغير اسمه، فكلمة تعبان لا تعني أنه مرهق، بل إنه مريض غالبا يكون قد تعرض لجلطة أو تنويم أقعده عن ممارسة حياته بشكلها المعهود عنه، ولا يستخدمون إلا توجيه الكلام للجميع وإن كان موجها لشخص بعينه دون تقليل من شأن أحد الحضور من خلال عبارة (ولا يهونون السامعين)، وإذا لم يرغب ببيع سلعة لشخص يقول (يرزقك ربي بالأفضل منها) واستبدال الرفض أو النفي بعبارة (مالك لواء)، إضافة لذلك استخدام عكس اللفظ كعبارة (صحيّح) أي يعاني من ضعف القدرات العقلية، أو كريم العين أي أعور وهذه وتلك لها جذرها في العالم العربي قديما، مثل هذه المفردات تزيد الألفة وتقلل من الاحتكاك اللفظي وترفع مستوى الحوار والتعقل، وهي من الكلمات الطيبة، التي تؤتي أُكلها كل حين.
يقول المستشرق جورج أوغست فالين: (لم أرَ في العالم كله أولادا أكثر تعقلا وأحسن خلقا وأكثر طاعة لأبيهم من أبناء البدوي).
[email protected]
[email protected]