أعشق ذاتي، بل أستلطفها هذا ما علمتني إياه نفسي بمساعدة كتبي وأيامي في العيادة النفسية، قد لا تكون أفضل أيامي ولكنها قطعاً أهمها.
لسبب ما كنت متطلعة لذهابي هناك، لم أكن خجلة ولا خائفة، بل توجهت إلى الغرفة بخطى واثقة وألقيت السلام على أخصائيتي، خلعت حجابي وجعلت شعري ينسدل على كتفيّ، لأشعر وكأني بالمنزل.
تجنبت النظر إلى أخصائيتي، -ربما هكذا حدثتني نفسي- بأن أنسى وجودها في الغرفة، وانطلق في التعبير وكأني أحدث نفسي، شعرت بأن هذا سيجعلني قادرة على التعبير أكثر.
ذهبت هناك لأني أردت فعلاً أن أشعر بالسعادة حتى إن كانت مزيفة، لطالما أردت أن أحسها، لذلك كنت أمتثل لكل كلمة تقولها لي وهذا يفسر سبب وجود بساط اليوغا الممدد في زاوية من زوايا غرفتي وكتب علم النفس، التي تتناثر هنا وهناك.
أشعر بأني استدركت نفسي وأصبح لديّ شيء من المرونة النفسية، ولكن ماذا عن باقي مرضى ضجيج النفس؟
هل هم يدركون أنهم مرضى؟ هل هو مرض أصلا؟ وإن كان مرضاً، فهل ينقل العدوى؟.
تظل أسئلتي تقرع كطبول الحرب في رأسي قبيل كل ليلة، وأجدد عهدي مع نفسي بأن أساعدهم كما ساعدت نفسي بكل وسيلة ممكنة، فلا أجمل من أن تدخل السعادة في قلب مَن ظنّ أن قلبه قد مات، أو ربما يظن أن لا قلب له من الأساس، تسقيه الأمل بعدما أثخنه اليأس طعناً وتجريحاً حتى كاد يقضي عليه، فتعطيه سبباً كي يصبح قادراً على المقاومة ورسم ابتسامة قد تكون بداية حياة جديدة، مَن قال إن سبل إحياء الناس بأجسادهم فقط؟ يمكنك إحياء ضحكة من طرفة تلقيها، يمكنك إحياء بسمة من كلمة تحكيها، يمكنك إحياء قلب بالاستماع اليه، ليس الأحياء هم أحياء الأجساد فقط، فكم من أحياء بأجسادهم ميتون بقلوبهم، لكنهم يكتمون إلى أن يصبح كلاهما ميتاً.
لم ولن أجد نفسي في مكان آخرغير مساعدة هؤلاء المرضى، سأغتنم فرصة أنني أعلم ما يدور بخلدهم لأننا تشاركنا نفس القلب يوماً، سأضحي بوقتي وجهدي في سبيل إحيائهم، فهم أحياء بأجسادهم، أحياء بقلوبهم وحياتهم،
ولسوف تجتاح محياهم ابتسامات مشرقة: (ومَن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً).
Twitter:Sozix19