إن المرء لا يولد عالما، لكنه إن يطلب العلم ويجد في طلبه، ويصبر على لأوائه وألمه حاز من شرف المعرفة بقدر ما يبذله ويمارسه، وكلما ضاعف جهدا ازداد رفعة ورقيا وشرفا.
والحلم خلق رفيع يتحلى به النبلاء، وهو خلق لم تمطره عليهم السماء، وإن كان من الحلم ما هو فطري جبلي (بكسر الجيم)، إلا إنه في معظمه حلم مكتسب بالمران والدربة والممارسة.
لذا فإن ما تمارسه من عمل أو خلق بصورة مكرورة سوف يصبح لك خلقا وسجية، وإن لم تكن متصفا به من ذي قبل. فمارس الطمأنينة لتتقن الهدوء والسكينة، ومارس التفاؤل لتتقن راحة البال، ومارس الثقة وحسن الظن بالله في حياتك لتنعم بالسعادة والرضا، ومارس العبادة والخشوع والخوف من العاقبة لتجد راحة القلب وسكون النفس وسعادة الحال وحسن المآل..
ما تمارسه يومياً سوف تتقنه بكفاءة عالية غدا، فعندما تمارس القلق سوف تقلق لأتفه الأمور، وعندما تمارس الخوف سوف تتوجس خيفة من كل ما تراه وتسمعه، وسوف يفزعك ماضيك وإن كان مشرفا، ويزعجك حاضرك، وإن كان مشرقا سوف ترعبك عقارب الساعة؛ لأنك تنتظر الساعة، وعندما تمارس الغضب ستغضب بلا أسباب، وتثور كأُسد الغاب.
فأنت أخي الكريم من تصنع سعادتك بيديك، وترسم البهجة على شفتيك، فاحرص على ما ينفعك ويبهجك ويمتعك.