إن الأمر الملكي بإنشاء هيئة لتطوير الأحساء سيكون له أبلغ الأثر في تسريع وتيرة التنمية الشاملة في محافظة الأحساء ضمن رؤية المملكة 2030، إذ سيكون من مسؤولياتها إعداد التوجهات والدراسات والمخططات الإستراتيجية للمحافظة ومتابعة تنفيذها مع الجهات ذات الاختصاص، وتحديثها إذا اقتضى الأمر، بالإضافة إلى مراجعة الخطط والدراسات والمخططات والبرامج والمشروعات التي تُعدِّها الأجهزة الحكومية.
كما ستقود الهيئة أعمال التطوير والتنسيق والتخطيط والمتابعة مع كل الجهات العاملة في الأحساء، إلى جانب وضع السبل المحفزة لمساهمة القطاع الخاص من خلال توجيه الاستثمارات بما يحقق العوائد والمستهدفات المرجوة.
ولا شك في أن محافظة الأحساء تستحق أن تتبَّوأ مكانة متقدمة في سجل السياحة العالمية والصناعة النفطية؛ إذ تضم معالم أثرية وتاريخية عديدة، إضافة إلى تعدد الموارد الطبيعية؛ كونها أكبر واحة نخيل (مسجلة في اليونسكو)، إضافة إلى شواطئ وبحيرات تمتاز بطبيعة خلابة، كما يفوق عدد المواقع الأثرية 65 موقعًا مسجلًا ضمن سجل التراث الوطني، ومن شأن الهيئة الجديدة التي أمر خادم الحرمين الشريفين بإنشائها أن تسرع وتيرة التنمية الشاملة في المحافظة، وإبراز معالمها السياحية والأثرية ووضعها على الخريطة العالمية.
ولعل الآمال العريضة التي يحلم بها أهل الأحساء تتلامس مع الأمر الملكي الثاني الذي تضمن تعيين الأمير سعود بن طلال بن بدر بن سعود بن عبدالعزيز آل سعود محافظًا للأحساء بالمرتبة الممتازة.
فلقد استبشر الأحسائيون خيرًا بالأمير الشاب سعود بن طلال بن بدر بن سعود بن عبدالعزيز، والذي يمثل الشخصية العصرية هي الأقدر -بإذن الله - على تجسيد الطموحات والأحلام على أرض الواقع في إطار رؤية 2030 التي تتضمن التنمية الشاملة على مستوى الإنسان والبنيان والثقافة والاقتصاد.
إن الأحساء، الواقعة في الجزء الشرقي من شبه الجزيرة العربية، والتي تعتبر من أكبر واحات النخيل في العالم بنحو 3 ملايين شجرة نخيل، وتتوافر على العديد من المواقع الفريدة مثل الحدائق، وقنوات الري، وعيون المياه العذبة، والآبار، وبحيرة الأصفر، ومبانٍ تاريخية، ونسيج حضري، ومواقع أثرية تقف شاهدًا على توطن البشر واستقرارهم في منطقة الخليج منذ العصر الحجري الحديث حتى يومنا هذا. كما أنها تحتضن أكبر حقل نفطي في العالم بالإضافة للعديد من حقول النفط والغاز ويمثل أكثر من نصف إنتاج المملكة من النفط.
إن كل هذه المقوِّمات تجعل الأحساء عنصرًا مهمًا في تحقيق التنمية الشاملة للمملكة ضمن رؤية 2030 الطموحة. ولعل إنشاء الهيئة سيكون من شأنه التغلب على العقبات العديدة التي كانت تحد من تبوُّء الأحساء المكانة التي تستحقها، ومنها تكامل البنية التحتية والتأهيل ليستوعب التطورات، ويمكن تلخيصها بعدد من التطلعات مثل إنشاء وسط للمدينة ليكون نقطة جذب رئيسية والعمل على التحديات اللوجستية والبنى التحتية والنقل، مثل تطوير المطار وفتح المجال لشركات الطيران الخارجية؛ ليكون أحد مراكز عملياتها، وتطوير الطرق الرابطة للأحساء بدول الخليج ومداخل المحافظة، وإنشاء محاور جديدة لربط مدن وبلدات الأحساء بشبكة من الطريق، وكذلك إنهاء ملف تحويل مسار القطار؛ ليساهم في فك الاختناقات الحالية، وهو مشروع قد بدأ وتأخر كثيرًا، وعلى الجانب الصناعي والخدمي إنشاء مدينة لخدمات الأعمال النفطية، وذلك لوجود عدد كبير من المشاريع في صناعة النفط والغاز، ولعل آخرها مشروع تطوير حقل الجافورة؛ لتكون المدينة مركزًا للشركات مع معهد للتدريب والتأهيل، وعلى الجانب التعليمي تنفيذ توصية مجلس الشورى بتحويل كلية الشريعة إلى جامعة مستقلة، وأخيرًا العمل على تحفيز الصناعات التحويلية للتمور، وتسويق تمور الأحساء بتحويل مزاد التمور من مزاد بسيط إلى مهرجان كبير.
نحن متفائلون بأن الهيئة، بعون الله وبدعم القيادة، ستكون مرحلة جديدة للأحساء؛ لتبؤُّء مكانة متقدمة لتواكب الرؤية الطموحة.
@BaderOtaibi