وللمقارنة فإن من أبرز مواقع النقوش في المملكة ما هو موجود في منطقة حائل، وقد دخلت مواقع الرسوم الصخرية فيها المتواجدة في مدينة جبة قائمة التراث العالمي التابعة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة «اليونسكو»، وقد وصفت هذه الرسوم بأنها ضمن الآثار النادرة، التي تصوِّر الحياة اليومية للإنسان في فترة ما قبل التاريخ. ويعود زمن أغلب هذه النقوش إلى ما بين 1500 و2500 سنة قبل الميلاد، تظهر فيها رسوم ونقوش غنية بمشاهد الإنسان والحيوان.
كذلك من أبرز النقوش ما هو موجود بالشويمس نحو 250 كم إلى جنوب شرق حائل، والمسجلة أيضًا في قائمة التراث العالمي باليونسكو، وهي من أبرز المواقع الأثرية في المملكة والعالم. كما يُعدّ الموقع أضخم متحف مفتوح للنقوش الصخرية على مستوى الجزيرة العربية، حيث تتجاوز مساحة المنطقة 50 كيلو مترًا مربعًا.
ويحتوي الموقع على فنون صخرية مشابهة لما هو في جبة، ويختلف معها في آنٍ واحد، فالموقع يضم بجانب النقوش الثمودية الجمال والخيول والوعول. ويتميز الموقع بوجود لوحات كبيرة جميلة نفذت بدقةٍ متناهيةٍ يصل طول إحداها إلى حوالي 12 مترًا. كما يضم رسومًا لأشكال آدمية وحيوانية وأشكالًا هندسية منحوتة بشكل فني على سطح أحد الأحجار الموجودة بالقرب من مدخل أحد الكهوف التي بالمنطقة.
وبالعودة إلى نقوش منطقة تبوك فإنه تتواجد بها عدة مواضع، أمثال تلك النقوش في جبة من حائل والشويمس، إلا أن من أبرزها ما هو موجود بحرة الرحا، بالقرب من بلدة شقري إلى الجنوب من مدينة تبوك. وهذه النقوش تقع ضمن منطقة بركان قديم، جاء آخر ثوران له نحو 1500 سنة قبل الميلاد. كذلك مما يُميِّز المنطقة أنها كانت بحيرة في أزمنة قديمة مقاربة لفترة تلك البحيرات العظيمة، والتي كانت بالنفوذ منذ نحو 200 ألف عام مما بينها ذات التضاريس، وطبقات إحلال الصخور. كما أن عمر النقوش في حرة الرحا يماثل ما اكتشف في جبة، من حيث القِدَم من خلال مقارنة ذات النقوش والمقدَّر عمرها بنحو 9000 عام قبل الميلاد.
وتنفرد نقوش حرة الرحا «شقري»، بالإضافة إلى نقوش الحيوانات المختلفة، والمقاتلين، بتعدد أنماط النقوش في الموقع الواحد حسب أعمارها الزمنية. كما يمكن مشاهدة تطور أسلوبها من خلال العديد من اللوحات التي لا تخلو من الجمال. وأغلب جبال المنطقة تحتوي على نقوش، وهو ما يميّزها أيضًا عن موقع جبة، والذي يحتوي جبل فيه واحد على غالب النقوش.
كذلك أيضًا ما يميز المنطقة هو تواجد الخط الثمودي والمسند والنبطي، والحروف اللاتينية والعربية. واكتشف بالمنطقة ما سمّي بمعبد الروافا النبطي الروماني نسبة إلى لوح تدشين عُثر فيه، ومن خلال المسوحات الأولية دلَّ على أنه مبني على ما هو أقدم منه.
إن للجهات المعنية بالتراث دورًا كبيرًا للمحافظة على الآثار لا سيما من تلك المواقع التي لها سمات التسجيل العالمي باليونسكو، كما هو الحال في موقع حرة الرحا «شقري». كذلك من تطوير الموقع ليصبح مقصدًا للزوار ومتحفًا طبيعيًا يشمله المحافظة والتطوير كمخيمات موسمية ومقصدًا للسياحة التاريخية. نقوش تبوك من مشاهدتنا، ومن انبهارنا لها على غرار المواقع المشابهة توجب الاهتمام.
@SaudAlgosaibi