* نظام الملالي يصر على إزالة حرسه الإرهابي من قائمة الإرهاب كأحد الشروط للتوصل لاتفاق نووي جديد، برأيكم ما دوافع واشنطن لإزالة منظمة إرهابية وتركها حرة النشاط بلا قيود؟
- لم يتم إنهاء هذا الموضوع وتحديد نتائجه على الإطلاق، وقد أصبح الموضوع ساحة لصراع سياسي خطير في واشنطن بسبب ازدياد عدد السياسيين الرافضين لهذه الخطوة في واشنطن، بمن فيهم كبار أعضاء مجلس الشيوخ والكونجرس، في إجماع غير مسبوق من الحزبين، كما يعارض كبار مسؤولي الأمن القومي السابقين من كلا الحزبين مثل هذه الخطوة، حيث أصبحت الوظائف التخريبية لقوات الحرس في مختلف المجالات، لا سيما في مجالات القمع في إيران والإرهاب والتطرف في المنطقة، أكثر وضوحا.
* كيف تنظرون إلى نتائج إزالة قوات الحرس من قائمة الإرهاب على المستوى الداخلي الإيراني؟
- الحرس هو الجهاز الرئيسي للقمع داخل إيران والإرهاب والتحريض على الحرب في المنطقة، وعلى سبيل المثال، في انتفاضة نوفمبر 2019، عندما صرخ الشعب الإيراني في ما يقرب من 200 مدينة في جميع أنحاء إيران في انسجام تام للإطاحة بنظام الملالي وهتف «الموت لخامنئي»، كانت قوات الحرس هي التي نفذت مذبحة المتظاهرين بأمر محدد من المرشد، ما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 1500 متظاهر أعزل في وضح النهار، وكان خوف النظام من الإطاحة به شديدا لدرجة أن كبار مسؤولي قوات الحرس دخلوا المشهد شخصيا، وقارنوا الوضع في شوارع إيران بأصعب أيام الحرب مع العراق.
لذلك، فإن سحب قوات الحرس من القائمة الإرهابية يجعله أكثر انفتاحا على القمع، لا سيما خلال فترة الرئاسة التي اتسمت بالقمع وبوضوح دور مباشر في مجزرة راح ضحيتها 30 ألف معتقل سياسي، 90 % منهم من منظمة «مجاهدي خلق».
لكن هذا ليس سوى جانب واحد من المعادلة، رغم كل القمع وتعيين رئيسي، تصاعدت الاحتجاجات في إيران بشكل واضح، ففي عام 2021، كانت تندلع انتفاضة كل أربعة أشهر في البلاد، وازدادت أنشطة وحدات المقاومة التابعة لمنظمة مجاهدي خلق، التي تهدف إلى كسر موجة القمع واستهداف مؤشرات القمع في جميع أنحاء إيران، ولم تتمكن قوات الحرس من السيطرة وإيقاف هذه العملية.
* هل نحن مقبلون على زيادة عنف وزعزعة استقرار المنطقة، في حال إزالة قوات الحرس من قائمة الإرهاب؟
- بطبيعة الحال، هذا هو الهدف الذي يسعى إليه نظام الملالي؛ إشعال المنطقة ودورات عنف جديدة والمزيد من الحروب التي يشعلها عبر ميليشياته الإرهابية.
دعونا لا ننسى أن النظام الإيراني هو الحكومة الوحيدة في العالم التي أنشأت جهازا عسكريا محددا، قوة القدس الإرهابية، كفرع من قوات الحرس بهدف محدد هو تصدير الإرهاب والتدخل في شؤون الدول الأخرى، وتحديدا في المنطقة وخلق الفوضى والتطرف، وقد أضفى عليها الطابع المؤسسي.
وتزداد أهمية هذه القضية لبقاء هذا النظام لدرجة أنه حتى في الوقت الذي يواجه فيه أزمة اقتصادية خطيرة وتحتج شرائح مختلفة من المجتمع لتلبية احتياجاتهم الأساسية، فقد تم تخصيص ميزانيات ضخمة لقوات الحرس بشكل عام، وفيلق القدس على وجه الخصوص، لذلك، فإن إزالة قوات الحرس من قائمة الإرهاب ستجعله يلعب قدر الإمكان لدفع هذه السياسة المشؤومة والمدمرة نحو الأمام.
* كيف تنظرون للتواطؤ الدولي وبشكل خاص «الأوروبي» مع نظام دموي متخلف ويرمون له بخشبة الخلاص عبر اتفاق نووي يعيد للنظام الحياة؟
- إنها الحقيقة، فالسياسة المدمرة للغاية للاسترضاء الغربي كانت مساعدة كبيرة للنظام على مر السنين للحفاظ على حكمه الإجرامي، لكن هناك حقيقة أكثر أهمية وخطورة، وهي أن الوضع في إيران قد تغير بشكل كبير منذ ديسمبر 2017، والذي تبلور في الانتفاضات الوطنية المناهضة للحكومة واستمرارها وتصعيدها.
من الواضح أنه منذ ديسمبر 2017، شهدت إيران ثماني انتفاضات كبرى مناهضة للحكومة هزت النظام ككل، حتى إن مسؤولين ومحللين في النظام عبروا علنا عن مخاوفهم بشأن الانتفاضة القادمة في صحافة النظام، لذلك فإن القول الفصل في التطورات في إيران هو داخل إيران وتحديدا شوارع إيران، وبسبب قلقه إزاء هذه العملية، اضطر خامنئي لإجراء عملية جراحية كبرى وعين إبراهيم رئيسي رئيسا في الصيف الماضي.
ويتضح لنا جليا أن الإيرانيين يرددون الشعارات في مواقف كثيرة، بأنه «مع اتفاق نووي وبدونه» لا خلاص لهذا النظام.
* ما دوركم كمعارضة في الضغط على الاتحاد الأوروبي لمراجعة قراره بشأن توقيع الاتفاق مع نظام الملالي؟
- كما يعلم العالم، فإن المقاومة الإيرانية، مع ما كشفته على مدى العقود الثلاثة الماضية عن البرنامج النووي السري للنظام، لعبت دورا حاسما لا غنى عنه في زيادة وعي المجتمع الدولي ببرنامج الأسلحة النووية لنظام الملالي، ولولا وجود أكثر من 100 كشف للمقاومة الإيرانية عن مواقع سرية ومشاريع بحثية وجوانب أخرى لبرنامج الملالي النووي السري، والتي تمت بناء على معلومات تم الحصول عليها من شبكة مجاهدي خلق داخل إيران وداخل النظام، مع القبول الجاد وتحمل المخاطر الأمنية الجسيمة، لكان من الممكن أن يكون أخطر نظام في العالم، والراعي الرئيسي للإرهاب في العالم، قد حصل على أخطر سلاح حتى الآن.
هذه حقيقة اعترف بها كبار مسؤولي النظام وذكرت مرات عديدة من قبل كبار المسؤولين الأمريكيين.
* ما مستقبل احتجاجات الشعب الإيراني، وهل من الممكن أن نشهد تصعيدات احتجاجية جديدة كالتي حدثت عام 2019، خاصة مع تردي الأوضاع مع استبداد أشد في عهد «رئيسي» وزمرته؟
- في 2021، شهدت إيران انتفاضة ضد نظام الملالي كل أربعة أشهر، احتجاجات الطبقات والنقابات المختلفة باتت قضية دائمة والنظام لا يستجيب لها، بما في ذلك المعلمون الذين يشكلون أكبر عدد من الموظفين الحكوميين بأكثر من مليون شخص، وفي العام الإيراني 1400 (مارس 2021 إلى مارس 2022)، كانت هناك 21 حركة احتجاجية في أكثر من 100 مدينة.
في الوقت نفسه، شهدنا إضرابات غير مسبوقة من قبل العمال المتعاقدين في صناعات النفط والغاز والبتروكيماويات، ومحطات الطاقة، واحتجاجات متكررة على مستوى البلاد من قبل المتقاعدين.
ومن ناحية أخرى، تصاعدت الأنشطة المناهضة للقمع لوحدات المقاومة التابعة لمنظمة «مجاهدي خلق» على مدار العام.
وهناك مجسمات وتماثيل هدمها الأبطال كما أشعلوا النيران في لوحات وصور للخميني وخامنئي وأخرى لقاسم سليماني، واحدة تلو الأخرى.
وفي الأشهر الأخيرة من العام نفسه، انقطعت برامج شبكات التلفزيون والإذاعة التابعة للنظام وأنظمة وزارة الرقابة التابعة للنظام الواحدة تلو الأخرى، وبثت الدعوات للإطاحة بالنظام.
في الوقت نفسه، وفي أعمال متكررة، نشرت وحدات المقاومة في المدن الكبرى رسائل المقاومة والإطاحة، وكما يقول الملالي أنفسهم «إنهم مصدومون ومندهشون».
إن استمرار هذه الأنشطة هو تغيير كبير مرتبط بالبيئة المعيشية للجماهير المحرومة والحالة المتفجرة للمجتمع.
وليس من دون سبب أن كبار المسؤولين والمحللين في النظام يحذرون باستمرار من انتفاضات أكبر قادمة، وهي أكثر خطورة على أمن النظام واستقراره مما كانت عليه في عام 2019.
* عملتم لسنوات من أجل محاكمة المجرمين المسؤولين عن مجزرة 1988 وتقديمهم للعدالة، هل من الممكن أن نرى رئيسي وغيره وراء القضبان، أم أن كل ما يجري لا يتعدى المحاكم الشعبية؟
- إن حركة التقاضي ومحاكمة مرتكبي مجزرة أكثر من 30 ألف سجين سياسي، أكثر من 90 % منهم ينتمون لـ «مجاهدي خلق» في 1988 بصفته عضوا في «فرقة الموت» آنذاك.
وفي خطوة غير مسبوقة في 27 يناير، أصدر أكثر من 460 من كبار المحامين الدوليين والقضاة السابقين وكبار المسؤولين السابقين في الأمم المتحدة بيانا مشتركا وصفوا فيه مذبحة 1988 أنها جريمة ضد الإنسانية وإبادة جماعية، ودعوا إلى وضع حد لحصانة مسؤولي النظام وإفلاتهم من العقاب وإخضاعهم لمحاسبة الأمم المتحدة.
وهناك شكوتان خطيرتان للغاية تم رفعهما حاليا من قبل عدد من عائلات ضحايا 1988 في إنجلترا واسكتلندا، وتقوم شرطة سكوتلاند يارد والشرطة المحلية بالتحقيق في هذه الشكاوى.
أدت نفس الشكوى إلى رجوع رئيسي عن قراره لحضور مؤتمر تغير المناخ في اسكتلندا خوفا من الوقوع في براثن العدالة.
* هل تراهنون على تفكك النظام من الداخل طالما أنكم ومع كل الانتفاضات والاحتجاجات لم يسقط النظام؟
- سيطيح الشعب والمقاومة الإيرانية بنظام الملالي، والواقع السائد في السنوات القليلة الماضية يؤكد هذه الحقيقة جيدا.
وخوفا من هذا الاحتمال، حاول خامنئي توحيد النظام، وتحقيقا لهذه الغاية، بقبوله بثمن باهظ وفي ذروة الجمود واليأس، أجرى عملية كبيرة داخل الحكومة ونصب رئيسي رئيسا، حتى يتمكن من عرقلة هذه العملية بمزيد من القمع في الداخل والأزمات في المنطقة، لكن تطورات الأشهر الثمانية الماضية تؤكد بوضوح حقيقة أن خامنئي قد فشل تماما في هذه الخطة وأن نظامه ليس لديه مخرج من هذا الوضع.