وأوضح بوتين أن القتال من أجل أمن روسيا يجري اليوم في منطقة دونباس بشرق أوكرانيا.
وفي الوقت نفسه، برر بوتين الحرب في أوكرانيا بأنشطة حلف شمال الأطلسي (الناتو)، مضيفا: «إن روسيا قد تصدت للعدوان بصورة استباقية، وقد كان ذلك هو القرار الصائب الوحيد».
وقال بوتين: إن موسكو حاولت مرارًا التوصل إلى اتفاق من أجل الوصول إلى حل أمني دولي، وإن الناتو تجاهل حجج روسيا، وبدأ في فتح أراض أوكرانية عسكريًا.
من جهة أخرى، قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورزولا فون دير لاين عبر «تويتر»، أمس الإثنين: إن أوكرانيا سوف تحصل على الرد الأول بشأن طلبها للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي في يونيو المقبل.
وقالت فون دير لاين عقب اتصال عبر الفيديو مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إن المفوضية الأوروبية «سوف تسعى لإعلان رأيها في يونيو».
وتقدم زيلينسكي بطلب الانضمام للتكتل على ضوء العملية الروسية في بلاده.
وكلفت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، التي يبلغ عددها 27 دولة، المفوضية بالنظر في الطلب، وهي خطوة مهمة ولكنها مبكرة للغاية في عملية الانضمام الطويلة والمعقدة.
العرض العسكري
وفي العرض العسكري بموسكو، أمس الإثنين، قال الرئيس الروسي مخاطبًا قواته المسلحة: «إنها تقاتل من أجل بلادها»، بينما كثف جيشه هجومه المستمر منذ عشرة أسابيع على أوكرانيا.
وقال مسؤولون أوكرانيون: إن قتالا عنيفا يدور في شرق البلاد وحذروا السكان ودعوهم للاحتماء من ضربات صاروخية محتملة في وقت تحتفل فيه موسكو بالذكرى السابعة والسبعين للنصر السوفييتي على ألمانيا النازية في الحرب العالمية الثانية.
وقال الجيش الأوكراني: إن أربعة صواريخ عالية الدقة من طراز «أونكس» انطلقت من شبه جزيرة القرم التي تسيطر عليها روسيا وضربت منطقة أوديسا جنوب البلاد، ولم يذكر مزيدا من التفاصيل عن ذلك.
وقال بوتين: إن «العملية العسكرية الخاصة» التي تنفذها روسيا في أوكرانيا دفاعية خالصة وكانت إجراء لا يمكن تجنبه في مواجهة خطط مدعومة من حلف شمال الأطلسي لغزو أراض وصفها بأنها تتبع روسيا تاريخيا بما يشمل شبه جزيرة القرم، وأضاف: «روسيا استبقت بصد المعتدي».
وفي 2014، سيطر انفصاليون مدعومون من روسيا على أجزاء من دونباس في شرق أوكرانيا، وضمت روسيا شبه جزيرة القرم من أوكرانيا في ذات العام، ثم حشدت موسكو قوات حول أوكرانيا العام الماضي قبل غزو شامل وصفته أوكرانيا وحلفاؤها الغربيون بأنه غير مبرر على الإطلاق.
ولم يذكر بوتين أوكرانيا بالاسم في خطابه ولم يقدم أي مؤشرات على المدة الزمنية التي قد تستغرقها الحرب، كما لم يُشر لمعركة ماريوبول، حيث ناشد أحد المدافعين الأوكرانيين المتحصنين في مصنع «آزوفستال» المجتمع الدولي المساعدة في إجلاء الجنود المصابين.
أوكرانيا تنفي
وقال ميخائيلو بودولياك، المستشار الرئاسي الأوكراني، بعد تصريحات بوتين، «لم تكن دول حلف شمال الأطلسي تعتزم مهاجمة روسيا، ولم تخطط أوكرانيا لمهاجمة شبه جزيرة القرم».
إلى ذلك، قال الكابتن سفياتوسلاف بالامار، نائب قائد كتيبة «آزوف» الأوكرانية: «سنواصل القتال ما دمنا على قيد الحياة لصد الروس».
وفي الحرب دمرت قرى وبلدات ومدن، ودفعت العمليات الروسية نحو 6 ملايين أوكراني للفرار منذ 24 فبراير.
وقالت هانا ماليار، نائبة وزير الدفاع الأوكراني: إن القوات الروسية تحاول الآن التقدم شرقا، حيث أصبح الوضع «صعبًا»، لكنها تراجعت عن مدينة خاركيف، حيث أبلغ مسؤول محلي عن قصف روسي مكثف.
وقال سيرهي جايداي حاكم لوجانسك السبت: إن نحو 90 كانوا يحتمون في مدرسة وقت القصف، وأضاف إن «ثلاثة مدنيين آخرين قتلوا في خاركيف، وثلاثة في لوجانسك»، كما قال: «إن القوات الروسية تحاول قطع طريق لبر الأمان معروف باسم طريق الحياة»، ولم يتسن بعد التحقق من التقارير.
وقال جايداي مخاطبًا السكان المحليين أمس: «أرجوكم لا تخرجوا في الشوارع إلا في أضيق نطاق ممكن وابقوا في الملاجئ».
وقال زيلينسكي: إن بلاده ستنتصر في مواجهة روسيا ولن تتنازل عن أي جزء من أراضيها.
وقال في خطاب بمناسبة ذكرى الانتصار في الحرب العالمية الثانية: «لا يوجد محتل يمكنه الاستيلاء على أراضينا الحرة، لا يوجد محتل يمكنه أن يحكم شعبنا الحر، عاجلا أو آجلا سننتصر».
وقبل العرض العسكري بموسكو، قال يوري بوريسوف نائب رئيس الوزراء الروسي، إن بلاده تطور جيلا جديدا من الصواريخ التي تفوق سرعتها سرعة الصوت، ولديها ما يكفي من الصواريخ عالية الدقة والذخائر للوفاء بكل المهام الموكلة لقواتها المسلحة.
دفع تكاليف
وبينما ترزح موسكو تحت وطأة عقوبات قاسية فرضها عليها الغرب منذ الغزو، ما أدى لتأثيرات بالغة على التجارة وعلى الأصول المجمدة، قال جوزيب بوريل، منسق السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، في مقابلة أجرتها معه صحيفة «فايننشيال تايمز»: إن دول الاتحاد الأوروبي يجب أن تدرس مصادرة احتياطيات النقد الأجنبي الروسية المجمدة للمساعدة في دفع تكاليف إعادة بناء أوكرانيا بعد الحرب.
وفي مدينة زابوريجيا التي تسيطر عليها أوكرانيا وتبعد حوالي 230 كيلو مترا إلى الشمال الغربي من ماريوبول، انتظر العشرات ممن فروا من المدينة والمناطق المحتلة القريبة لتسجيل أسمائهم في محطة للسيارات مخصصة للنازحين.
وقالت فيكتوريا أندرييفا، وهي معلمة تاريخ تبلغ من العمر 46 عاما: «هناك الكثير لا يزالون في ماريوبول يريدون المغادرة ولا يستطيعون»، وأشارت إلى أنها وصلت المدينة للتو بعد أن تركت بيتها الذي تعرض للقصف في ماريوبول، مع أسرتها في منتصف أبريل.
وقالت في خيمة قدم فيها متطوعون يقدمون أطعمة وإمدادات أساسية وألعابا للأطفال «الهواء مختلف هنا، هواء حر».
وقال انفصاليون: إن 408 أشخاص في المجمل جرى إجلاؤهم من ماريوبول خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، بينهم 65 طفلا.
وماريوبول أساسية لجهود موسكو ربط شبه جزيرة القرم بأجزاء من لوجانسك ودونيتسك في دونباس شرق أوكرانيا، وهي مناطق يخضع بعضها لسيطرة الانفصاليين أيضًا.
من ناحيته، دعا زيلينسكي، أمس، إلى اتخاذ خطوات فورية لفتح الموانئ الأوكرانية المحاصرة للسماح بتصدير القمح وتجنب أزمة عالمية في الغذاء، في الوقت الذي ستبدأ فيه موسكو بتجديد ميناء ماريوبول وتطويره بعد الدمار الذي لحق به، وتشغيله بعد أسابيع قليلة، بحسب الخارجية الروسية.
انتهاء الحرب
إلى ذلك، واصلت برلين، أمس الإثنين، إحياء الذكرى السنوية الـ77 لانتهاء الحرب العالمية الثانية في أوروبا بعدد من الفعاليات.
وفي إحدى الفعاليات تجمّع أكثر من 100 شخص يحملون حوالي 20 علما روسيا عند النصب التذكاري السوفييتي في متنزه «تريبتاور» صباح أمس.
ووضع السفير الروسي إكليلا من الزهور على النصب الذي يخلد ذكرى الجنود السوفييت المقتولين، فيما لم تُرفع أعلام أوكرانية عند النصب.
كما نظمت مظاهرة أكبر مؤيدة لروسيا في النصب التذكاري السوفييتي الثاني بالقرب من بوابة براندنبورج، وفي المقابل، خرج متظاهرون آخرون للاحتجاج على هجوم روسيا على أوكرانيا، أمس، مع مرافقة حوالي 1700 شرطي لكل المسيرات.
وكان السفير الأوكراني أندريه ميلنيك وقدامى المحاربين في الجيش الأوكراني قد زاروا بالفعل النصب التذكاري بالقرب من بوابة براندنبورج، الأحد، وتم وضع العديد من أكاليل الزهور في الموقع، وشارك في ذلك أيضًا مكتب الرئيس الألماني، وردد بضع عشرات من المتظاهرين عبارات مطالبة بطرد ميلنيك، بينما ردد متظاهرون آخرون هتافات مؤيدة لأوكرانيا.
وردت أوكرانيا بنقد واضح على حظر العاصمة الألمانية برلين رفع العلم الأوكراني خلال فعاليات إحياء ذكرى الحرب العالمية الثانية، الأحد.
وقال وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا: «برلين ارتكبت خطأ بحظر رموز أوكرانية»، مضيفا: «إنه من الخطأ للغاية معاملة الرموز الأوكرانية بنفس طريقة التعامل مع الرموز الروسية».
وبمناسبة إحياء ذكرى انتهاء الحرب العالمية الثانية في أوروبا يومي أمس وأمس الأول في برلين، أصدرت شرطة العاصمة الألمانية شروطا لتنظيم الفعاليات في 15 موقعا تذكاريا، من بينها حظر رفع العلمين الروسي والأوكراني.