إن استخدام التسميات الدينية على مشاريع وأنشطة تجارية بحتة، تعمد إلى جذب عطف الناس واللعب على مشاعرهم واستعطافهم بما يحقق الربح والفائدة المرجوة من ورائها، بل إن استغلال الدين لأغراض وأهداف دنيوية لا علاقة لها بالدين، مرفوض من قبل الديانات الثلاث وإن المصلح الديني «مارتن لوثر»، قد وضع النقاط على الحروف بهذا السياق عندما قال وهو يعلق على صكوك الغفران التي كانت الكنيسة قبل عصر النهضة الأوروبية تقوم ببيعه للناس: «هذا كله كذب وافتراء، الدين لا يشترى بالفلوس والجنة ليست لمن يدفع أكثر لبابا روما وبطانته الذين لا يشبعون من المال، الجنة هي للمؤمنين الحقيقيين الذين يخشون الله ويعملون صالحا ويرأفون بالفقراء ولا يبتزونهم ويسرقون أموالهم».
الدين شريعة الله ليحقق بها مصالح العباد
إنه وبإلقاء نظرة على التاريخ واستنطاق أحداثه، يتبين لنا أيضا حقائق وشواهد أخرى بشأن موضوع المتاجرة بالدين لمصالح دنيوية، وإنه وعندما كان رؤساء الكهنة والصيارفة وباعة الحمام والأغنام يمارسون أعمال البيع والشراء وكانوا يدفعون نسبة مئوية عن كل ما يباع ويشترى في ساحة الهيكل، فإن عيسى «عليه السلام»، قد تصدى لهذا الأمر بقوة واستشاط غضبا وهو يقول: «لأن بيتي هو بيت الصلاة يدعى وأنتم جعلتموه مغارة لصوص»، وواضح جدا بأن عيسى «عليه السلام»، قد رفض بقوة استخدام واستغلال الدين لأغراض وأهداف لا علاقة لها بالدين.
أما في الإسلام، فإن هناك آيات كثيرة ترفض الاتجار بالدين وتنهى عنه ومنها:
«ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا»، «إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم». «فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون».
أما الرسول الأكرم «صلى الله عليه وسلم»، فقد قال في قوله تعالى «وعلم آدم الأسماء كلها»، قال «علمه منها أسامي ألف حرفة من الحرف، قال يا آدم قل لولدك إن لم تصبروا عن الدنيا، فاطلبوها بهذه الحرف ولا تطلبوها بالدين»، ولا غرو من أن قصد ومرمى النبي «صلى الله عليه وسلم» من حديثه الشريف هذا واضح جدا وليس بحاجة للشرح والتوضيح، كما أن الآيات الكريمة التي أوردناها آنفا، هي أيضا حدية وقطعية في مجال عدم السماح باستغلال وتوظيف الدين لأغراض لا علاقة لها بالدين، قال تعالى: «قل آلله أذن لكم أم على الله تفترون»، ولهذا فإن على التجار وذوي المصالح أن يسعوا لعدم استغلال الدين كواجهة من أجل الانتفاع والربح على حساب الناس والدين.
لكل إنسان كامل الحرية في إطلاق أية تسمية على أي مشروع أو نشاط تجاري أو عملي ولكن بعيدا عن التسميات أو الإيحاءات الدينية لكي لا يتم التغرير بالناس واستعطافهم من وراء ذلك.
* أمين عام المجلس الإسلامي العربي.
@sayidelhusseini