تناولت في المقال السابق الموضوعات التي تمت مناقشتها في مؤتمر تطوير التعليم الذي عقد في مدينة الرياض مؤخرا تحت عنوان «التعليم في مواجهة الأزمات.. الفرص والتحديات» والذي هو في نظري من أهم المؤتمرات التي عقدتها وزارة التعليم في المملكة وأكثرها نجاحا ولذلك فإنني وكثيرين غيري ممن يعملون في هذا المجال سواء في التعليم العام أو الجامعي ندعو إلى المزيد من أمثال هذا المؤتمر بالحضور النوعي والموضوعات التي تناولها والمخرجات التي نتجت عن التقاء المئات من المفكرين والخبراء الذين ألموا بالموضوعات التي تناولها من كل جوانبها والفرص التي أتاحها لتبادل الخبرات والأفكار فيما يخص مواجهة الأزمات المفاجئة التي قد يتعرض لها التعليم في أي وقت مستفيدين مما واجهه التعليم أثناء أزمة كورونا التي عمت العالم والتي كانت رغم الجوانب السلبية التي نجمت عنها محكا لما يمكن أن يتولد من أفكار وحلول إبداعية وزيادة الوعي بأهمية الجاهزية لمواجهة أية مستجدات شبيهة بما حدث. وقد شجعتني النتائج والمخرجات المهمة للمؤتمر على إثارة موضوع قديم جديد يظل يطرح نفسه في كل وقت وسيظل كذلك طالما أننا لم نجد الحلول الناجعة للمشكلة التي يتناولها ألا وهو المواءمة بين مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل والفجوة التي تتسع بينهما كل عام خاصة في مواسم احتفال الجامعات والكليات بالأفواج الجديدة من الخريجين وهو ما نحن مقبلون عليه الآن، ذلك الموسم التي تتراكم مخرجاته على ما سبقها من أعداد مما يزيد عمق المشكلة في بعض التخصصات سواء ما يستجد منها بسبب المشاريع الجديدة والاحتياجات أو ما تشغله القوى العاملة من غير المواطنين، ولذلك فإن الحاجة ملحة إلى مؤتمر أو أكثر يتناول القضية بنفس الشمول والعمق الذي تناول فيه مؤتمر تطوير التعليم موضوعاته ومحاوره، وأن يشمل ذلك الاطلاع على تجارب الدول والمؤسسات التي سبقتنا في هذا المجال حيث نلاحظ أن كثيرا من هذه الدول رغم وجود العديد من الجامعات والكليات ومعاهد التدريب التي ترفد سوق العمل كل عام بأعداد لا بأس بها من الخريجين إلا أنها لا تعاني من معدلات مرتفعة من البطالة التي تنتج عن وجود أعداد كثيرة من الخريجين في تخصصات لا يحتاجها سوق العمل فيما يشكو هذا السوق من ندرة المتقدمين للوظائف في المجالات الأخرى وذلك ربما يعود لأكثر من سبب أحدها ما يتم توليده من وظائف في المجالات الصناعية والإنتاجية في كل عام من ناحية، وصواب عمليات المواءمة بين حاجات هذا السوق ومخرجات مؤسسات التعليم والتدريب التي تعنى بالتقنية والعلوم وتطبيقاتها في ميادين العمل والإنتاج مما يعزز التوازن المطلوب وهو ما نحتاجه بالتأكيد، بل هو الحل للخروج مما نعانيه في هذا المجال ويؤيد ذلك ما نلاحظه من نجاح مؤسسات التعليم التقني والمهني في بلادنا في تمكين الآلاف من المواطنين من العمل في وظائف كانت إلى حد قريب مقصورة على الوافدين مما يحتم العمل على التوجه نحو هذا النوع من التعليم وزيادة عدد مؤسساته وتطويره وصولا إلى ما نسعى إليه -بإذن الله -.
@Fahad_otaish