وتابع يقول: في الواقع، خلال الفترة القصيرة التي قضاها أبو إبراهيم القريشي في قيادة المجموعة (31 أكتوبر 2019 - 3 فبراير 2022)، لم يخاطب أبو إبراهيم القريشي أتباعه علنًا، مما أثر سلبًا على تنسيق أنشطة التنظيم المركزي وفرعه الإقليمي؛ ما يسمى بولاية خراسان الإسلامية.
وأردف: على الرغم من أن مقتله خلال غارة أمريكية لمكافحة الإرهاب في شمال غرب سوريا في أوائل فبراير الماضي كان بمثابة ضربة كبيرة للتنظيم العالمي، فإن التغيير في القيادة وفر له فرصًا جديدة لتحديث حملته في القيادة والسيطرة والتجنيد والدعاية.
تجنب الانقسام
ومضى الكاتب يقول: كما هو متوقع، يرى أبو الحسن الهاشمي القريشي، القائد العام الجديد لداعش، أن دوره التاريخي ليس فقط في ضمان استمرارية التنظيم وتجنب انقسامه المحتمل، ولكن أيضًا في إنشاء خط قيادة أكثر مباشرة وثباتًا بين المركز في العراق والشام والفروع في وسط وجنوب آسيا.
واستطرد بقوله: لم تعطِ الإستراتيجية الجديدة للتنظيم دفعة جديدة فقط لفرعها في خراسان الذي يشن جهادًا في أفغانستان ما بعد أمريكا ضد طالبان، ولكن أيضًا فتحت جبهة جديدة ضد أنظمة ما بعد الاتحاد السوفيتي في آسيا الوسطى.
وتابع: بالفعل، كشف تحليل أنشطة التنظيم في خراسان أن تعيين أبو الحسن القريشي الخليفة الجديد وإطلاق حملة جديدة عززت من القدرة القتالية لمقاتلي داعش الأوزبكيين والطاجيكيين، إضافة إلى تعزيز التنسيق بين اللغة المحلية وآلات الدعاية الخاصة بداعش المركزية.
حملة جديدة
وأضاف: اللافت أن داعش أطلق في 17 أبريل حملته الجديدة «غزوة الثأر للشيخين» انتقامًا لمقتل زعيم داعش السابق أبو إبراهيم القريشي، والمتحدث الرسمي باسمه أبو حمزة القرشي اللذين قتلا في غارة أمريكية في فبراير على بلدة أطمة شمال غرب سوريا.
وأردف: دعا المتحدث الجديد باسم التنظيم، أبو عمر المهاجر، في خطابه الصوتي الأخير، مقاتليه إلى الانتقام لمقتل قادة داعش السابقين من خلال ما وصفه بالضرب المؤلم لأعداء المجاهدين.
وبحسب الكاتب، فإن هذا الخطاب كان موجهًا لأتباع التنظيم في جميع أنحاء العالم، حيث طلب منهم التحلي بالصبر والاستعداد عندما تبدأ الحرب.
وأضاف: دعا المهاجر إلى توسيع حملة الانتقام لـ«الشيخين»، لتشمل أراضي الولايات المتحدة وأوروبا وآسيا الوسطى، وحث المسلمين المقيمين هناك على الاقتداء بنهج «الذئاب المنفردة» الذين نفذوا عمليات مرعبة، وطلب منهم تكرار عمليات الذئاب المنفردة بالطعن والهجوم والدهس، واستلهام الهجمات الأخيرة في إسرائيل. واستطرد: من بين أوائل الذين دعموا حملة «الهجوم العالمي» الجديد للتنظيم، المقاتلون الأوزبك والطاجيك في التنظيم في خراسان، الذين تحدوا حكومة طالبان الجديدة ويحلمون بالإطاحة بأنظمة في آسيا الوسطى.
وأشار إلى أنهم تمكنوا من تنفيذ عملية عابرة للحدود من أفغانستان إلى أراضي أوزبكستان وطاجيكستان، بوحي من إستراتيجية الخليفة الجديد.
أبواق داعش
وأردف: في البداية، في 18 أبريل 2022، أطلق تنظيم داعش في خراسان 10 صواريخ صاروخية على أراضي أوزبكستان، والتي تم استغلالها بنجاح من قبل وسائل الإعلام الإرهابية الإقليمية الناطقة بالأوزبكية والموارد الدعائية لداعش المركزي كدليل على فتح جبهة ثانية في اتجاه آسيا الوسطى.
ومضى يقول: لاحظت تقييمات الخبراء بوضوح التنسيق الجيد بين وسائل الإعلام التابعة لداعش المركزي وأبواق داعش خراسان، سواء من حيث المحتوى الأيديولوجي أو التسلسل الهرمي.
وأضاف: أفادت «وكالة أعماق» التابعة للتنظيم المركزي أن مقاتلي داعش أطلقوا 10 صواريخ كاتيوشا على قاعدة عسكرية أوزباكستانية في بلدة ترميز الحدودية. كما نشر الجناح الإعلامي لداعش صورة وفيديو للمقذوفات لدعم مزاعمه. كما غطت النشرة الإخبارية الأسبوعية الأخرى «النبأ» الصادرة عن تنظيم داعش على نطاق واسع موضوع الهجمات الصاروخية من خلال تقديم تفاصيل حول كيفية إطلاق القذائف من الأراضي الأفغانية على الدولة الواقعة في آسيا الوسطى.
وتابع: بالنظر إلى مهارات داعش خراسان الخطابية والإقناع التكفيري والذكاء الأيديولوجي، فمن المحتمل جدًّا أن تتكثف حملة التجنيد للتنظيم في آسيا الوسطى في المستقبل القريب.
وأشار إلى أنه من الواضح أن المشاركة بين التنظيمين المركزي والفرعي في التوجهات العسكرية والإعلامية والأيديولوجية وصلت إلى مستوى جديد في بيئة العمل الأكثر تساهلًا في أفغانستان ما بعد أمريكا.
هجمات صاروخية
وأردف: في 7 مايو، شن تنظيم داعش في خراسان هجومًا صاروخيًا ثانيًا، لكن هذه المرة على طاجيكستان. وبحسب المكتب الإعلامي المركزي (ديوان العلم المركزي) التابع للتنظيم، فإن مقاتلي التنظيم أطلقوا 7 صواريخ من منطقة خواجة غار في ولاية تخار الأفغانية باتجاه القاعدة العسكرية الطاجيكية قرب مدينة كولوب.
وأضاف: مع ذلك، فإن الهجمات الصاروخية على أراضي أوزبكستان وطاجيكستان لمدة 3 أسابيع تمثل تصعيدًا واضحًا من قبل مقاتلي داعش الأجانب في آسيا الوسطى أكثر من مجرد خطاب معادٍ للدول السوفييتية السابقة ليصل إلى عمل عسكري مباشر.
وتابع: أساليب التغطية الإعلامية لكل من الهجمات والمشاركة بين التنظيمين كانت متشابهة بشكل واضح. كانت خوارزمية أفعالهم متوافقة مع إستراتيجية داعش الجديدة، مما قوَّض صورة ومصداقية الإمكانات العسكرية طاجيكستان وطالبان.
ولفت إلى أن هذا يعكس أنه بعد سقوط ما سمي بدولة الخلافة وسلسلة الخسائر الدراماتيكية لقادتها، أن داعش تعلَّمت درسًا مريرًا وهي تنتقل الآن من مركزية السلطة إلى تعزيز ولاياتها.
توسيع نشاطه
وأضاف: على ما يبدو، يسعى داعش خراسان إلى توسيع نطاق جاذبيته في آسيا الوسطى من خلال زيادة الهجمات عبر الحدود ضد جيران أفغانستان وتكثيف إنتاج وترجمة ونشر الدعاية الموجهة إلى المجتمعات الأوزبكية والطاجيكية والقيرغيزية في المنطقة. ونوه إلى أن كل ذلك يعني أن داعش خراسان أصبح قوة إرهابية جادة لا تتحدى حكومة طالبان فحسب، بل تتحدى أيضًا الأنظمة التي تشكَّلت في فترة ما بعد الاتحاد السوفيتي.
وتابع: من الواضح أن داعش خراسان يستغل الانسحاب العسكري الأمريكي من المنطقة وانحراف طالبان الأفغانية عن المفهوم الجهادي المتشدد من خلال تصوير حكومتها بنجاح على أنها منظمة عرقية قومية من البشتون بدلًا من كونها حركة إسلامية.
واختتم بقوله: من المتوقع أن يستفيد تنظيم داعش في خراسان بنشاط من العمليات الخارجية لتقويض شرعية حكومة طالبان، التي أكدت لجيران الولايات المتحدة وآسيا الوسطى عدم السماح باستخدام الأراضي الأفغانية لمهاجمة جيران أفغانستان. أدى تعزيز الهجمات الصاروخية عبر الحدود إلى رفع الروح المعنوية لمقاتلي التنظيم في خراسان وعزز قاعدة دعمه.