وقال أنطونيو غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة، يوم الأربعاء: إنه يجري محادثات مكثفة مع روسيا وأوكرانيا وتركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في محاولة لاستعادة صادرات الحبوب من أوكرانيا مع تصاعد أزمة الغذاء العالمية.
وأضاف الكرملين «إن الرئيس فلاديمير بوتين يتفق مع تقييم الأمم المتحدة بأن العالم يواجه أزمة غذائية قد تسبب المجاعة».
إلى ذلك، دعت نائبة رئيس الوزراء الأوكراني يوليا سفيريدينكو، أمس، المجتمع الدولي، للمساعدة في تأمين ممر آمن إلى خارج مدينة أوديسا الساحلية لسفن تصدير المواد الغذائية من أجل مساعدة بلادها وتجنب الجوع في العالم.
ونقلت «بي. بي. سي» عن سفيريدينكو قولها في مقابلة في منتدى «دافوس»: «نحن بحاجة إلى ضمان من الشركاء، بالطبع هو ضمان دفاعي وضمان أمني».
سبب المشكلة
وفيما تقدم موسكو وكييف معًا نحو ثلث إمدادات القمح العالمية، قال دميتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين «روسيا كانت دائمًا دولة مُصدِّرة للحبوب يعول عليه، لسنا سبب المشكلة، سبب المشكلة التي تقود إلى مجاعة عالمية هم من يفرضون العقوبات علينا والعقوبات نفسها».
وأوكرانيا مصدر رئيسي كذلك للذرة والشعير وزيت دوار الشمس وزيت بذرة اللفت في حين توفر روسيا وروسيا البيضاء، 40% من الصادرات العالمية من سماد البوتاس.
وقالت الأمم المتحدة: إن 36 دولة تعتمد على روسيا وأوكرانيا في الحصول على أكثر من نصف وارداتها من القمح ومنها بعض من أفقر الدول.
وقال الكرملين: إن أوكرانيا جعلت الشحن البحري التجاري مستحيلًا بزرع الألغام في المياه.
وفقدت أوكرانيا معظم موانئها الكبيرة ومنها خيرسون وماريوبول لروسيا وتخشى أن تحاول موسكو كذلك احتلال أوديسا.
وقال بيسكوف: إن روسيا لم تمنع صادرات القمح الأوكرانية لبولندا بالقطار، وهي وسيلة أبطأ كثيرًا، على الرغم من أن الغرب كان يرسل أسلحة في الاتجاه العكسي.
من ناحيته، اتهم الرئيس الأمريكي جو بايدن نظيره الروسي فلاديمير بوتين بمحاولة تدمير الهوية الأوكرانية، وهو ما يتضح في قصف الأهداف المدنية مثل المدارس والمستشفيات ومراكز الرعاية النهارية والمتاحف.
وقال بايدن في طوكيو: أعتقد أن ما يسعى إليه بوتين هو محو هوية أوكرانيا، لا يمكنه احتلالها، ولكنه ربما يسعى إلى القضاء على هويتها.
وأضاف بايدن: إن بوتين لابد أن يدفع ثمنًا غاليًا عن أفعاله البربرية في أوكرانيا، لردع الآخرين عن ارتكاب أفعال مماثلة، في إشارة إلى التوترات العسكرية حول تايوان.
سخرية بوتين
وعلى الجانب الآخر، علَّق الرئيس الروسي على حديث رئيس بيلاروس ألكسندر لوكاشينكو: إن الغرب يردد أنك تتحمل مسؤولية المشاكل الاقتصادية، بوعد متهكم بـ«التحدث بجدية» مع بوتين.
وقال لوكاشينكو خلال اجتماع ثنائي مع الزعيم الروسي في سوتشي أمس الإثنين: ما يحدث هناك، (في الدول الغربية) هم لم يتمكنوا كما هو واضح من تقديره، لقد عاشوا وهم يقرؤون وسائل إعلامهم، وهكذا حصلوا على التضخم وما إلى ذلك. بالطبع (بوتين هو المسؤول)، هناك في كل شيء (بوتين هو المسؤول)، ليرد الأخير بلهجة ساخرة وهو يبتسم قائلا: «سأتحدث معه بجدية».
يأتي هذا فيما دعا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، أمس، إلى تشديد العقوبات المفروضة على روسيا إلى الحدود «القصوى»، وذلك في كلمة افتتاحية بالمنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس السويسرية.
وشدد زيلينسكي، في كلمة عبر رابط فيديو، على ضرورة أن تشمل العقوبات فرض حظر على مصادر الطاقة الروسية.
وأعرب زيلينسكي عن امتنانه للدعم الدولي الذي حظيت به بلاده، ودعا الشركات الأجنبية للمشاركة في إعادة إعمار المدن الأوكرانية المدمرة، بعد انتهاء الحرب، وقال: إنه يتعين استغلال الأصول الروسية المجمدة في تمويل إعادة إعمار أوكرانيا.
وفيما يتعلق بنقص الغذاء حول العالم، دعا زيلينسكي إلى إجراء مفاوضات بشأن الوصول إلى الموانئ البحرية الأوكرانية المحاصرة، تجدر الإشارة إلى أن أوكرانيا كانت مصدّرًا كبيرًا للحبوب قبل الحرب.
وتصف موسكو أفعالها في أوكرانيا بأنها «عملية عسكرية خاصة» لنزع سلاح أوكرانيا وحمايتها من الفاشيين، وتقول أوكرانيا والغرب: إن المزاعم بشأن الفاشية لا أساس له وأن الحرب هي عمل عدواني غير مبرر.
ألغام ماريوبول
في غضون ذلك، بدأ الجنود الروس في إزالة الألغام والحطام من أراضي مصنع «آزوفستال» للصلب في ماريوبول أمس بعد صدور أوامر لمئات من القوات الأوكرانية التي تحصنت لأسابيع في المصنع المترامي الأطراف بالانسحاب.
وأظهرت لقطات مصورة الجنود وهم يسيرون في المجمع ويستخدمون أجهزة الكشف عن الألغام على الطرق التي يتناثر عليها الحطام، بينما قام آخرون بتفقد كل شيء بحثا عن عبوات ناسفة.
وقال جندي روسي يُدعى باباي «المهمة جسيمة، لقد زرع العدو ألغامه الأرضية، كما قمنا بزرع ألغام مضادة للأفراد أثناء صد العدو. لذلك أمامنا نحو أسبوعين من العمل».
وقالت روسيا، يوم الجمعة: إن آخر مقاتلين أوكرانيين يدافعون عن آزوفستال استسلموا، ولم تؤكد أوكرانيا هذا النبأ، لكن قائدًا بإحدى الوحدات في المصنع قال في مقطع مصور: إن القوات تلقت أوامر بالانسحاب.
وتمنح السيطرة الكاملة على ماريوبول لروسيا التحكم في طريق بري يربط شبه جزيرة القرم، التي استولت عليها موسكو في عام 2014، مع البر الرئيسي لروسيا وأجزاء من شرق أوكرانيا تحت سيطرة الانفصاليين الموالين لروسيا.
وقال المتحدث باسم الدفاع الروسية إيجور كوناشينكوف في إفادة صحفية الإثنين نقلتها قناة «آر تي عربية»: إن صواريخ بعيدة المدى عالية الدقة أطلقت من البحر، دمرت في محطة قطار بمقاطعة جيتومير، الأسلحة والمعدات العسكرية في أثناء نقلها من مدينة إيفانو-فرانكوفسك (غرب) إلى دونباس.
أسلحة أمريكية
وفي السياق، أعلنت موسكو: إن بطارية مدافع ذاتية الدفع من طراز «غياتسينت -إس» دمرت وحدة أوكرانية مكونة من مدافع هاوتزر M-777 عيار 155 ملم أمريكية الصنع، علاوة على شحنة من الأسلحة والمعدات العسكرية تابعة لوحدة أوكرانية كانت في طريقها إلى دونباس.
وتابع كوناشينكوف «أنه خلال يوم أصابت صواريخ عالية الدقة، أطلقت من الجو، أربعة مواقع قيادة، ومركز اتصالات في بلدة بخموت في جمهورية دونيتسك الشعبية، و48 منطقة تجمّع للقوات والمعدات العسكرية، ومنظومة صواريخ مضادة للطائرات، طراز أوسا -إيه كي إم، إضافة إلى ستة مستودعات للذخيرة في جمهورية لوجانسك».
وأصابت القوات الصاروخية والمدفعية الروسية 73 موقع قيادة، و578 منطقة تجمع للقوات والمعدات العسكرية، بالإضافة إلى 37 وحدة مدفعية وهاون في مواقع إطلاق النار، فيما تم تدمير 13 دبابة وعربة مشاة قتالية و5 راجمات صواريخ «جراد» وثلاثة مستودعات للذخيرة، بحسب المتحدث الروسي.
كما قالت وزارة الدفاع الروسية: إن قواتها شنت غارات جوية وهجمات بالمدفعية على عشرات الأهداف في شرق أوكرانيا، فيما تحاول وحداتها البرية تطويق مدينة سيفيرودونيتسك في منطقة دونباس.
ضواحي «سيفيرودونيتسك»
من جانبها، قالت وزارة الدفاع الأوكرانية: إن صواريخ طويلة المدى أطلقت من البحر أصابت أسلحة أوكرانية في محطة سكة حديد مالين في غرب أوكرانيا أثناء نقلها إلى الشرق.
وذكر مراسل للتليفزيون الروسي الرسمي على «تيليجرام» أن القوات الموالية لروسيا وصلت بالفعل إلى ضواحي سيفيرودونيتسك.
ولم يتسن لـ«رويترز» التحقق من دقة المعلومات العسكرية التي قدمها أي من الجانبين.
من جهة ثانية، أشارت معلومات من أوكرانيا إلى أن بيلاروس، التي لم تقم حتى الآن بدور نشط في الحرب الروسية - الأوكرانية، تحشد القوات على الحدود.
وقالت هيئة الأركان الأوكرانية في تقرير، أمس الإثنين: القوات المسلحة البيلاروسية تقوم بمهام استطلاع متزايدة، كما نشرت وحدات إضافية في منطقة الحدود، ووفقًا للتقرير، فإن خطر شن هجمات صاروخية وجوية على أوكرانيا من الأراضي البيلاروسية ما زال قائما.
ولم يشارك رئيس بيلاروس الكسندر لوكاشينكو مع قواته في الحرب التي تشنها روسيا ضد أوكرانيا، مع ذلك، يتم السماح للقوات الروسية باستخدام بيلاروس كمنطقة لنشر القوات للمشاركة في الحرب.