بالإضافة لتسليط الضوء على موانع التقدم وصعوبة الالتزام بالانضباط الذاتي حيث يضيف المؤلف هذه العبارة السديدة «إن جوهر الانضباط الذاتي يكمن في تحرير إرادة الانسان من استعباد الهوى والرغبة والعادة».
الانضباط كقيمة للإنسان
عرج الكاتب على آفات التقدم والانضباط (إدمان التأجيل والكسل والمماطلة) وأنها السبب الرئيس وراء عدم مقدرتنا على الانضباط وإرغام ذواتنا على تعوده في كافة شؤون حياتنا، وأن الانضباط والمداومة عليه لا ينافي المرونة ولا يعني الجمود.
إن خلاصة الانضباط وقواعده وأدواته المرتكزة على قاعدتين ذهبيتين:
الإرادة: المتمثلة في النية الصادقة نحو التغيير وعزيمة وإرادة صلبة ومتماسكة.
(ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة ولكن كره الله انبعاثهم فثبطهم وقيل اقعدوا مع القاعدين) التوبة 46.
القدرة: توفر الأدوات والظروف اللازمة لتحقيق المراد.
وعلى النقيض من ذلك فمن أدمن عادة الكسل والتأجيل والمماطلة راوح مكانه وفقد الرغبة في التطور.
لا شك في أن جوهر الانضباط يتمثل في تعود المرء عادات جديدة والتخلي عن عادات سيئة، وأن أصعب معركة يخوضها الواحد منا في حياته، هي تلك المعركة التي يغير فيها شيئا من سلوكه اليومي، إن زعزعة نظام العادات لدينا هو في الحقيقة نوع من الاكتساب لنظام جديد.
ليس من السهولة بمكان تعود وممارسة الانضباط، وعلينا دائما محاولة تحقيق ذلك وفق مبادئ وأسس تسهل علينا الطريق ونقيس من خلالها مراحل تقدمنا ومواطن الخلل والقصور.
الهدف الأسمى: وهو الهدف النهائي والذي تكون كل الأهداف الأخرى بالنسبة إليه عبارة عن وسائل.
وضع أهداف يومية: إن مجرد التفكير فيما علينا القيام به خلال اليوم سيساعد أدمغتنا على التفكير في توفير الوقت اللازم له، وإزالة التعارض بين ما نحتاجه من راحة وأمور طارئة، وبين ما نعتقد أنه مهمات يومية لا بد من أدائها.
التعلم من الأخطاء: في طريقنا نحو أهدافنا نمارس الاجتهاد والمجتهد معرض للخطأ، كما أننا كثيرا ما نخضع لرغباتنا وأهوائنا، وفي حالات كهذه يصبح الانضباط مهددا أو معدوما بالتالي نقع في أخطاء كثيرة وعلينا التعلم منها.
مواجهة الإحباط: من المهم دائما أن نتذكر بأننا سنواجه عقبات مما يساعد على تكون حالة من الإحباط والشعور بانسداد الآفاق فالانضباط في هذه الحالة هو وسليتنا في تحسين الإنتاجية وتحسين مزاجنا الشخصي كذلك، لنذكر أنفسنا دائما بأن آلام الانضباط الذاتي أخف بكثير من آلام الفشل والعجز والندم على ما فات.
الشجاعة في قول (لا): تعد كلمة (لا) في مواضع كثيرة حالة من الشجاعة الأدبية تجاه ذواتنا وما تعاهدنا مع أنفسنا على القيام به، حيث إن المجاملة والمسايرة للآخرين تجعلنا في موضع حرج معهم لأمور نحن غير مقتنعين بها، لذلك نبادرهم بقول (نعم) ونحن نعلم في قرارة أنفسنا أن ذلك ليس القرار الصائب، ولعل أهمية قول (لا) تتجلى على صعيد الانضباط الذاتي في رفض المغريات التي تغزونا من كل اتجاه.
ويشير الكاتب إلى أن مراجعة القيم والمبادئ لا يعني إغفال حظوظ النفس والمصلحة الشخصية بمقدار ما تعني إعطاء الأولوية لما هو أرضى لله تعالى وأقرب إلى المروءة والنبل، وعلينا تذكير أنفسنا دائما بأن آلام الانضباط الذاتي أخف بكثير من آلام الفشل والعجز والندم على ما فات.
أخيرا...
لا بد لنا أن نؤمن بأن الكمال شيء نرومه ولا نبلغه، وأن شدة الاهتمام بشيء قد تنقلب إلى وسواس مدمر، وأن الرضا بالواقع هو أساس الجمود.
@uthman8899