صحيح أنها البداية وأن معرض الجبيل الأول للكتاب ليس بحجم معرضي الرياض وجدة من حيث المساحة وعدد دور النشر، ولكن البدايات دائما هكذا تبدأ صغيرة، ثم تكبر وتنمو وتزدهر، وبعدها ستنافس في المستقبل كبريات المعارض في المملكة.
ولعلي أبدأ بالانطباع الشخصي عن المعرض، ثم نحاول أن نعرج على بعض النقاط والاقتراحات. لقد كانت الزيارة للمعرض ظهيرة يوم الأحد، وكان الإقبال عليه مقبولا، خصوصا أنها أوقات العمل للقطاعين العام والخاص، وكذلك تواجد الطلاب والطالبات في المدارس والجامعات. وقد قصدت ذلك التوقيت حتى لا يكون المكان مكتظا بالزحام، فأستطيع تقليب الكتب على سعة وبهدوء! بالإضافة يمكنني التحدث إلى بعض المهتمين في مجال الكتب، خصوصا أن بعضا من باعة الكتب هم من القراء النهمين. وكم يسعدني جدا عندما أجد أن الذي يبيع الكتب يعرف أشياء وأشياء عنها، فيحلو الحديث ويطول، لأن الحديث عن الكتب لا يمل. وقد صادفت أحد المترجمين للكتب الفلسفية، فاشتريت منه بعضا مما ترجم من باب التشجيع، ومن باب أني أميل لقراءة كتب الفلسفة من حين إلى آخر كهاوٍ لا محترف!
أيضا أحببت فكرة المعرض الصغير نوعا ما؛ لأن التجول فيه سهل ويسير، وفيه كذلك بساطة الحديث مع الآخرين، والأجواء بوجه عام كانت هادئة وغير صاخبة، فتشعر حقا كأنك تتجول في مكتبة.
وأما من جهة الاقتراحات، فمنها أن يكون المعرض سنويا في مختلف مدن الشرقية. فهذه السنة هو في مدينة الجبيل، فربما السنة القادمة يكون في مدينة الدمام ثم الأحساء، بحيث يمكن تدويره بين المدن الرئيسية، خصوصا تلك التي تتواجد بها كثافة سكانية.
ومنها أن يكون بيع الكتب أون لاين من خلال موقع المعرض الإلكتروني، فالبعض للأسف قد يتكاسل في الذهاب حتى لو كان ممن يقرأون!
ومن الاقتراحات أن يكون هناك بث مباشر في أوقات عمل المعرض ومن عدة زوايا، بحيث يصبح من الممكن التنقل بين ردهات المعرض افتراضيا كأنك متواجد فيه، فقد يشتاق البعض إلى الحضور، ولكن الظروف قد تحول بينه وبين المعرض. وتلك التقنية أصبحت سهلة ومنتشرة مع كثرة التطبيقات والبرامج في هذا المجال.
والبعض قد يعد قائمة للكتب، التي يريد شراءها، ولكن لا يمنع ذلك من أن يتصفح بعض العناوين خارج تلك القائمة، بل في الواقع أن شراء بعض الكتب التي لا تهوى أو لا تتفق معها، أو حتى تلك التي لا تميل فيها إلى اسم المؤلف له فوائد! لأن القراءة للآخرين والمخالفين تفتح لك الآفاق، وستعرف لماذا يفكر البعض بطريقة مختلفة والتي قد لا تعجبك؟ وأعلم أنك إذا كنت سوف تقرأ فقط لمَن يوافقك الرأي والطريقة، التي تفكر بها فلن تتقدم خطوة واحدة! لأن الأفكار ستكون مكررة بالنسبة لك، ولن تتعرف على الجديد.
هذه نوعية من المعارض تشجع النشء على الكتب والقراءة، وأن تكون في عدة مدن ومناطق يساعد على نشر الثقافة والمعرفة. فالكتب الإلكترونية وتطبيقات التواصل الاجتماعي أصبحت تنافس الكتب الورقية وبقوة!
abdullaghannam@