بحثًا عن منافذ الإبداع في الوسط التربوي والتعليمي واهتمامًا بالمسرح؛ بوصفه الفضاء الشامل للتجلّي الثقافي المتكامل، أطلق مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي «إثراء»، بالتعاون مع الإدارة العامة للتعليم بالمنطقة الشرقية، النسخة الأولى من برنامج «المسرح في المدارس». وإذا ما تأملنا في هذه البادرة يمكن أن نستنتج الكثير من الإيجابيات التي يحملها البرنامج، خاصة أن المسرح في المدارس يُعدّ عودة وخطوة مهمة وذات أهداف واسعة واستشرافية قادرة على فهم الطفل والطالب، وتكوين رؤيته للمحيط العام الذي يعيش فيه، ومساعدته على تكوين أفكار متجدّدة. وهو ما يُمكّن من استيعاب المواهب وتهيئتها، وتوجيه مهاراتها، وصقل قدراتها، وتوسيع دوائر اهتمامها الفني والثقافي، واحتواء طاقاتها مع تحفيز وعيها، وبالتالي تركّز أكثر على إكساب الطلبة مهارات حياتية تساعدهم على التطوّر والإبداع، خاصة أن البرنامج يقدّم التدريب والتوجيه والممارسة التجريبية والتطبيقية في أعمال مسرحية، وهو ما يخلق المنافسة بين المدارس والطلبة من خلال تخصيص مسابقات مختلفة في الأداء والإخراج والمسرحيات؛ ما يساعد على تهيئة المجتمع لاكتساب فضاء تعليمي مميّز بإمكاناته المختلفة التي تصل بين الأجيال، وتحفظ التوافق المعاصر بينهم، كما تكسر حواجز الهوَّة التعبيرية من خلال الإنجاز، بخلق همزة الوصل بين الطلبة والمعلمين المدرِّبين والمسرحيين وبين الثقافة والهوية الوطنية، وبين المخزون الثقافي العالمي الشامل، ما يفتح أمام الطلبة في المستقبل آفاقًا جديدة، ومسؤوليات كبرى، ومستويات مختلفة تجمع بين المعرفة والتعليم، والموهبة والإنجاز الإبداعي.
إن هذا البرنامج المتكامل في أدواره التنفيذية مع المشرفين عليه يسهم في تعزيز ونشر وبناء مفهوم ثقافة المسرح المدرسي، ويخلق مستوى تدريس منهجي متطوّر، يسمح باكتساب معارف جديدة واكتشاف المواهب، وتحويل فكرة التعليم إلى تبادل متكافئ بين كل الأطراف التي من شأنها أن ترسّخ أسس البناء المتين التي تكون متكاملة في توافقاتها بين الطلبة والمعلمين المدربين.
البرنامج الذي استهدف 40 معلمًا و200 طالب في المرحلة المتوسطة تم تأهيلهم وتدريبهم على أساسيات ومبادئ ومهارات تدريس المسرح والدراما، وفق خصوصيات تدريس رائدة ومتقدّمة، استفادت من الخبرات الدولية، وما حقّقه البرنامج له أهميته التي ظهرت نتائجه في العروض المقدمة في الحفل الختامي، والتفاعل الكبير منهم، بحضور هؤلاء الطلبة وأولياء أمورهم ومعلميهم من بنين وبنات، بالإضافة إلى المسرحيين من عدة مناطق، قد فقدنا التفاعل لهذه الفئة في المسرح من خلال إدارات التعليم، رغم النداءات والاجتماعات السابقة، فاليوم سيتم بناء جيلٍ ومستقبلٍ جديد له عُمقه واطلاعه القادر على التميّز الواعي في كل القطاعات والتكامل مع المسار التأسيسي والتنموي الأول في مختلف المجالات، «إثراء» سبَّاقة لبناء وتأسيس العديد من المبادرات التي لها أثر داخل وخارج المنطقة الشرقية.
@yousifalharbi