خلال فترة إدماني كنت استيقظ يومياً على آخر الأخبار في مواقع التواصل وأتفاعل معها (لا إرادياً) وأشارك في أحداث (لا تخصني) وأناقش مشاكل (ليست مشاكلي) وأحمل هموم (ليست همومي) وأركز في مواضيع (ليست مواضيعي)، وهذا كله كان يؤثر على نفسيتي وأعصابي وتركيزي بشكل سيئ ويجعلني أعيش في تشتت وتوتر دائم، وهذا بلا شك كان يلقي بتأثيره السلبي على نفسيتي وحياتي ككل. ولكن خلال الستة أشهر الماضية، التي ابتعدت فيها عن مواقع التواصل، فقد كنت استيقظ كل يوم ولا انشغل إلا بهمومي ومشاكلي وركزت بمواضيعي وجنيت ثمارها الإيجابية، التي انعكست على وضعي النفسي. وبالتالي حياتي أصبحت مشاكلها أقل وجودتها للأفضل، وأثّر ذلك بنفسيتي للأحسن.
ومن الناحية الاجتماعية:
خلال سنوات الإدمان كانت تُخلَق لي عداوات بشكل يومي مع أشخاص لا تربطني بهم علاقة ولا أعرف عنهم أدنى معرفة (وأنا في غنى عن ذلك)! ومن المفارقات أني قابلت أحد الأشخاص، الذي كنت أعاديه في العالم الافتراضي، ووجدته من أطيب الناس خُلُقاً وأكرمهم تعاملاً ونشأت بيننا صداقة (فورية). وما يجدر ذكره أنه خلال العشر سنوات الماضية كانت بداية أي نقاش بيني وبين أي شخص (في الحياة الواقعية) يكون موضوعها عن آخر محتوى طرحته (في العالم الافتراضي)، والنقاش يدور حول فكر وآراء. أما الآن، فأصبحت بداية أي نقاش بيني وبين أي شخص عن (آخر لقاء بيننا في العالم الواقعي)، والنقاش يدور حول الأحوال والذكريات. وبناءً على ذلك، أعدت ترتيب أولوياتي في العلاقات، حيث ما هو افتراضي يجب أن تتعامل معه على أنه افتراضي (حتى تختبره على أرض الواقع). ورسمت حولي عدة دوائر من العلاقات كلما اقتربت مني أصبحت أكثر أهمية، وكلما ابتعدت قلّت أهميتها. وبالتالي أصبحت علاقاتي أكثر وضوحاً وواقعية.
وأما أهم ما خسرت قيمته خلال كل هذه المدة، فهو عامل (الوقت).
وهذا أعظم وأخطر عامل لم استوعب قيمته إلا خلال الستة أشهر الماضية، حيث اكتشفت أن لدي وقت فراغ عظيما، وبإمكاني أن استثمره بطرق أفضل تحسّن لعديد من تفاصيل حياتي وتطور قدراتي وتنمّي مواهبي، بعد أن كنت أحرقه حرقاً في مواقع التواصل (لا أنكر أني استفدت فوائد عظيمة من وفي مواقع التواصل، لكن كانت حياتي الواقعية أولى به).
ختاماً
مواقع التواصل الاجتماعي «العالم الافتراضي» (مهمة)، ولكن لا تكن على حساب (حياتك الواقعية).
@altamimi14