وفي رأيي المتواضع، قد يمكن أن ندرب الشخص العادي ليصبح قائدًا، ولكننا سنجد أنه سيتوقف عند حد معين لا يمكنه أن يتجاوزه، في حين أن القائد بالفطرة ستجده يظهر ويلمع من بعيد، فعلى سبيل المثال في التاريخ الإسلامي، هناك عمر وخالد وصلاح الدين، وفي التاريخ الحديث، هنالك المؤسس الملك عبدالعزيز، وفي العالم الغربي مارتن لوثر ونيلسون مانديلا.
والسؤال هنا: ما الذي ميز تلك الرموز التاريخية ليكونوا حقًا قادة جيدين، الحق إن تحديد ذلك أمر بالغ الصعوبة بعض الشيء. فهل مواقفهم التاريخية هي فقط ما جعلتهم قادة جيدين، أم أن هنالك شيئًا أكثر من ذلك؟
للقادة خصائص تميزهم عن غيرهم، فالقائد هو المؤثر في فريقه ومجتمعه، فانظر مثلًا ما فعله عمر حين سنّ الدواوين، التي تختص بالأموال ليتم توزيعها بنظام، فقسمها إلى (ديوان الخراج، ديوان الجند، ديوان العطاء)، وانظر كيف حول خالد هزيمة المسلمين في اليرموك إلى نصر عظيم، وكيف وحد المؤسس بلادًا شاسعة تحكمها قبائل متفرقة، إلى بلد مترامي الأطراف تحترمه الدول.
في حين أننا نمارس القيادة جميعًا في حياتنا اليومية، فالأب مع أسرته، والأم في بيتها، والأبناء مع أصدقائهم، والموظف في وظيفته، ولكننا نادرًا ما يُطلب منا تعريف «ما هو القائد الجيد؟».
وملخص القول، فالقائد هو مَن يمتلك رؤية مشتركة وواضحة، تتماشى مع القيم الأساسية، يفهم ما يتطلبه الأمر للوصول إلى أهداف فريقه. يلهم ويدير ويدعم فريقه للعمل بشكل خلاق وثقة نحو تلك الرؤية المشتركة، كما أن من خصائص القائد إما يكون حازمًا وليس قاسيًا، حازمًا في تطبيق رؤية المؤسسة لدفعها إلى التقدم والازدهار، وليس قاسيًا يدفع الناس للنفر منه والتخلي عنه، قال عز وجل لنبيه -عليه الصلاة والسلام-: (ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك)، والقائد كذلك يهتم باختيار فريقة المتنوع ويوزع المهام بوضوح ويدربهم عليه، ويسعى إلى خلق بيئة خلاقة للعمل يسودها التعاون والثقة.
قال ابن الرومي:
وما في الناسِ أجودُ من شجاع.. وإنْ أعطى القليلَ من النوالِ
@azmani21