وأضاف: تمثل البلدان هناك وفي آسيا الوسطى، ما يقرب من نصف الدول الخمسين الأكثر عرضة «لظواهر الحرارة الشديدة»، ومن المتوقع حدوث زيادات أخرى في درجات الحرارة، مع ما يترتب على ذلك من عواقب اقتصادية وبيئية واجتماعية ضارة بالمنطقة.
وأردف: على سبيل المثال، في عام 2019، دقت الأمم المتحدة ناقوس الخطر، حيث تهدد درجات الحرارة القصوى وموجات الحر المطولة بإفقار الملايين والتراجع عن إنجازات الـ 50 عاما الماضية من التنمية والصحة العالمية والحد من الفقر.
الواقع الجديد
ويستطرد الكاتب آدم لامون: سيكون هذا الواقع الجديد ذا أهمية خاصة لمنطقة الشرق الأوسط، التي تكافح بالفعل لمعالجة نقص الكهرباء، وعدم المساواة الاقتصادية، والأضرار البشرية التي تكثفت بسبب موجات الحر الطويلة ووصول درجات الحرارة إلى مستوى قياسي.
وتابع: من المحتمل أن يكون لهذه الآلام تأثير اقتصادي واضح، كما أفاد صندوق النقد الدولي، حتى في حال تحقق سيناريو الانبعاثات المعتدلة الذي يحد من الاحترار العالمي بمعدل 2-3 درجات مئوية بحلول 2100.
ومضى يقول: الوضع أكثر كآبة بالنسبة لأشد دول المنطقة حرارة، مثل البحرين وجيبوتي وموريتانيا وقطر والإمارات العربية المتحدة.
ونقل عن صندوق النقد الدولي قوله: إن هذه الدول يمكن أن تشهد انخفاضا فوريا في النمو الاقتصادي للفرد بحوالي نقطتين مئويتين لكل زيادة في درجة الحرارة بمقدار درجة واحدة مئوية.
وشدد على أن انخفاض معدلات هطول الأمطار، وليس ارتفاع درجات الحرارة فقط، هو ما يفاقم تحديات المنطقة، وأضاف: في الواقع، يؤدي انخفاض معدلات هطول الأمطار السنوية إلى تفاقم أزمة المياه في الشرق الأوسط، التي تعد واحدة من أسوأ أزمات المياه في العالم بسبب المناخ الجاف في المنطقة، وسنوات من سوء إدارة الحكومات لمواردها المائية ودعم الزراعة وتربية الحيوانات كثيفة الاستهلاك للمياه.
الطوارئ المناخيةويواصل لامون بالقول: سيؤثر التكيف مع حالة الطوارئ المناخية المقبلة عبئا ثقيلا على منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وهي منطقة تستخدم في المتوسط أكثر من 4 أضعاف مواردها من المياه العذبة المتاحة، وهي موطن لـ 12 دولة من أصل 17 دولة تعاني الإجهاد المائي في العالم.
ومضى يقول: في واقع الأمر، فإن بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا معرضة لأكثر من مشكلة هطول الأمطار.
وأردف: في الواقع، لقد رأينا بالفعل القاهرة تهدد بعمل عسكري لوقف مشروعات الطاقة الكهرومائية في إثيوبيا، للحد من إمدادات المياه في اتجاه مجرى النيل، الذي يوفر 97 % من موارد المياه المتجددة في مصر.
وأضاف: بالمثل، أدت الخلافات حول السياسة المائية إلى زيادة خطر نشوب صراعات بين دول مثل إسرائيل وفلسطين، إيران وأفغانستان، سوريا والعراق وتركيا، والهند وباكستان.
ونوه بأن المياه والبنية التحتية المرتبطة بها تم استخدامها كسلاح أو تم استهدافها في الحرب الأهلية السورية وحرب العراق من قبل الجهات الحكومية وغير الحكومية على حد سواء.
وتابع: إضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤدي تزايد احتمالية حدوث الجفاف وارتفاع درجات الحرارة إلى اندلاع انتفاضات عنيفة وعمليات انتقامية إضافية، مثلما رأينا حالات الجفاف غير المسبوقة التي حفزت الأحداث الزلزالية مثل الربيع العربي عام 2010، والحرب الأهلية السورية عام 2011، والاحتجاجات التي عصفت بإيران في عام 2021.
الاستقرار والحربويواصل الكاتب قائلا: في حين أن المياه ليست دائما السبب الرئيسي لعدم الاستقرار والحرب، فإنها أصبحت بشكل متزايد جزءا من المنافسة والصراع في هذه المنطقة الجافة.
وأضاف: اليوم، أكثر من 60 % من سكان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يحصلون على القليل من المياه الصالحة للشرب أو لا يحصلون عليها على الإطلاق، ووفقا لتقرير عام 2020، الصادر عن صندوق الطوارئ الدولي للأطفال التابع للأمم المتحدة، يعاني ما يقرب من 9 من كل 10 أطفال من عواقب صحية وغذائية لأنهم يعيشون في مناطق تعاني من «إجهاد مائي مرتفع أو مرتفع للغاية».
ومضى يقول: بالتالي، في سيناريو العمل كالمعتاد، من المحتمل أن نرى هذه الاتجاهات تثير موجات من اللاجئين والمهاجرين الفارين من المنطقة لأسباب اقتصادية ومناخية، ما يقوض استقرار المنطقة وآفاقها الاقتصادية.
وتابع: سيصبح هذا أكثر وضوحا في أعقاب الكوارث المناخية الأكثر تواترا وشدة مثل الفيضانات والجفاف.
وأوضح أن مدينة الإسكندرية الساحلية في مصر تقدم رؤية واقعية لمستقبل المنطقة.
وتابع: يسكن المدينة 5 ملايين نسمة، وبها 40 % من الطاقة الصناعية المصرية، ومحاطة بالبحر الأبيض المتوسط من 3 جهات، وبحسب تقرير لوكالة «أسوشيتد برس»، في 2019، «تهدد مياه المد والجزر الأحياء الفقيرة في المدينة وتؤدي إلى تآكل شواطئها المليئة بالسياح».
تحذير دوليوأردف: أفاد المسؤولون المصريون أن مستوى سطح البحر يرتفع حاليا بمقدار 3.2 ملم سنويا، وهو أسرع بنسبة 52 % مما كان عليه قبل عام 2012، و77 % أسرع مما كان عليه منذ عام 1993.
وأضاف: حذرت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ التابعة للأمم المتحدة، من أن البحار العالمية قد ترتفع بمقدار 1 إلى 3 أقدام بحلول عام 2100، إذا تحققت هذه التوقعات الأسوأ، فلن تغمر الإسكندرية وحدها، وإنما أكثر من 60 % من دلتا نهر النيل، حيث يعيش حوالي ربع المصريين، يمكن أن تبور بسبب غمر المياه المالحة، و20 % أخرى ستكون مغمورة بالكامل.
وتابع: تشير تقارير «رويترز» إلى أن الفيضانات في دلتا النيل، التي يُعرف عنها أنها سلة الخبز في البلاد، يمكن أن تخفض على التوالي إنتاج الأرز والقمح بنسبة 11 % و15 % بحلول عام 2050، لا يوجد الكثير الذي يمكن للحكومة المصرية فعله باستثناء خطط التخفيف المكلفة التي تسعى إلى إقامة حواجز مادية لمنع ارتفاع مستوى البحار.
وتابع: من المؤكد أن الحكومات الإقليمية والمجتمع الدولي على حد سواء يجب أن يستثمرا بقوة في إستراتيجيات التخفيف والتكيف لتجنيب الملايين من الناس في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الذين يعيشون في المناطق الساحلية منخفضة الارتفاع، من أسوأ آثار تغير المناخ.