وأرقب المدينة التي وُلدت شمال الجبيل التاريخية، في أسباخ وكثبان رملية جرداء، يستبد بها التوحش والعناء، تكابد المناخات وسور غضب الرياح وعواصفها؛ لتغدو الأسباخ وكثبان الرمال مدينة بهيَّة خضراء في حدائقها ومسطحات التشجير وشواطئها الفريدة، وفي نفس الوقت تتوسع وتترسخ في الصناعة وفنون الآلات.
ولمقاومة صورة «الصناعية»، تجتهد الجبيل في التوسع في الأنسنة، وجودة الحياة، وسرور الروح والعين.
يسرُّني أن تضعنا جهود الجبيل والهيئة و«سابك» (وكذلك أرامكو السعودية) في مصاف البلدان الصناعية، لكنني، وطوال عقود، أشد سرورًا بالإنجاز الأهم لهذه المؤسسات، وهو إعداد شباب الوطن، علميًّا وإداريًّا وفنيًّا، حتى أصبحنا نفخر ونزهو بأن عندنا مهندسين وإداريين وفنيين من الأمهر والأكثر كفاءة في العالم.
ولا ريب في أن إعداد القوى العاملة الفعَّالة ذات الكفاءة والتمكين، هو التحدي والاختبار الأصعب الذي خاضته الهيئة والجبيل و«سابك» بنجاح باهر.
وكان فيصل الظفيري وفريقه الفاخر، الذين التقيناهم، وأمطرونا بهجة وسرورًا، هم عيّنة من النجاح، وهم أيضًا عيّنة تقرُّ بها العيون للمهندسين والفنيين والإداريين الذين يعملون بعيدًا عن الأضواء، طوال سنين، ليلًا ونهارًا، كي تبقى الجبيل صناعية وسياحية ورائدة، بهجة الناظرين وحلمًا يتحقق وينجز.
ويفترض أن مدننا الأخرى تنهج حذو الجبيل الصناعية في إستراتيجية التخطيط، وثقافة الأداء والإدارة، وأضمن أنها ستتمكن من السيطرة على مشاكلها، وتتيسر أعمالها وخدماتها، وتتخلص من كثير من الصداعات والمنغصات، التي تبدو وكأنها قضاء وقدر بلا حلول.
* وتر
مدن الماء، بهجة المراكب،
إذ تضيء المرافئ قناديلها..
ومهوى أفئدة السرى،
إذ يودعون وعثاء المسافات وتعب الخُطى..
@malanzi3